Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript
أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط
प्रकाशक
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
प्रकाशक स्थान
https
शैलियों
مثل كلمة وكلم، وهو الطوب النيء، والذي يوقد عليه النار يسمى الآجر؛ بالمد، وتمامه في «عمدة القاري»، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال؛ أي: جالسًا، لا متعلق بـ (تبرز)؛ فافهم.
[حديث ابن عمر: لقد ارتقيت يومًا على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله]
١٤٥ - وبه قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف)؛ أي: التِّنِّيسي؛ بكسر المثناة الفوقية وتشديد النُّون (قال: أخبرنا مالك)؛ أي: ابن أنس الإمام، (عن يحيى بن سعِيد)؛ بكسر العين المهملة الأنصاري المدني، (عن محمد بن يحيى بن حَبَّان)؛ بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة، الأنصاري النجاري -بالنُّون والجيم- المازني، المتوفى بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومئة، (عن عمه)؛ أي: عم محمد بن يحيى (واسع بن حَبَّان)؛ بفتح المهملة وتشديد الموحدة، ابن منقذ بن عمرو الأنصاري النجاري -بالنُّون- المازني، ولواسع رؤية؛ فلذا ذُكِر في الصحابة، ولأبيه منقذ -اسم فاعل من أنقذ؛ بالمعجمة- وجده عمرو صحبة، وحَبَّان: إن أخذته من حَبِن؛ بفتح المهملة وكسر الموحدة: إذا طرأ له السقي؛ صرفته، وإذا أخذته من حب؛ منعته؛ فليحفظ.
(عن عبد الله بن عمر)؛ أي: ابن الخطاب ﵄: (أنَّه)؛ أي: عبد الله بن عمر كما صرح به مسلم (كان) في محل رفع خبر (أنَّ) (يقول) في محل نصب خبر (كان): (إنَّ) بكسر الهمزة (ناسًا) مقول القول؛ أي: جماعة من الصحابة؛ منهم: أبو أيوب الأنصاري، وأبو هريرة، ومعقل الأسدي، وغيرهم ﵃ ممن ذهب إلى أنَّ الاستقبال والاستدبار عند الحاجة في الصحراء أو في البنيان منهي عنه؛ لعموم الحديث السابق (يقولون) في محل رفع خبر (إنَّ): (إذا قعدت) خطاب عامٌّ لكل من يتأتَّى منه القعود (على حاجتك) لفظة (على) إما للاستعلاء أو للتعليل، وهو كناية عن قضاء الحاجة قاعدًا أو قائمًا، وعبَّر بالقعود؛ لأنَّه الغالب؛ (فلا تستقبل القبلةَ)؛ بالنصب على المفعولية؛ أي: الكعبة (ولا بيتَ المقدس)؛ بالنصب عطفًا على القبلة والإضافة فيه إضافة الموصوف إلى صفته؛ كمسجد الجامع؛ أي: صخرته؛ لأنَّها هي التي كانت قبلة، وفيه لغتان مشهورتان: فتح الميم وسكون القاف وكسر الدَّال المخففة، وضم الميم وفتح القاف والدَّال المشددة، والمشدد معناه: المطهر، والمخفف لا يخلو إما أن يكون مصدرًا أو مكانًا، ومعناه: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة، أو بيت مكان الطهارة، وتطهيره: إخلاؤه من الأصنام وإبعاده منها أو من الذنوب.
وهذا دليل على أنَّ الصحابة كانوا يختلفون في معاني السنن، وكان كل واحد منهم يستعمل ما سمع على عمومه، فمن هنا وقع بينهم الاختلاف، وكلامه يدل على إنكاره على من يقول: إنَّ استقبال بيت المقدس عند الحاجة غير جائز، فلذا قال أحمد بن حنبل: حديث ابن عمر ناسخ للنهي عن استقبال بيت المقدس واستدباره، يدل لهذا ما روى مروان الأصغر عن ابن عمر: أنَّه أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن؛ أليس قد نهي عن هذا؟ قال: إنَّما نهي عن هذا في الفضاء، وأمَّا إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك؛ فلا بأس.
قلت: وهذا لا يدل على النسخ؛ بل على التسليم، غاية الأمر أنَّه يقول: لا يجوز الاستقبال والاستدبار في الصحراء، ويجيزهما في البنيان، كما هو مشهور مذهبه؛ للساتر، وقوله: (لا بأس) يدل على أنَّ النهي موجود لكن أخف من النهي عن القبلة؛ فتأمل، لأنَّ بيت المقدس معظَّم محتَرم؛ حيث إنَّه كان قبلة لنا مرة، أو من أجل استدبار الكعبة؛ لأنَّ من استقبله بالمدينة؛ فقد استدبر الكعبة؛ كما قدمناه.
(فقال عبد الله بن عمر) ﵄، وهذا ليس جوابًا لواسع كما زعمه الكرماني؛ بل هو من كلام ابن عمر لما تقدم من تصريح رواية مسلم بذلك، فالفاء: سببية؛ لأنَّ ابن عمر أورد القول الأول منكِرًا له، ثم بين السبب في إنكاره بما رآه من فعله ﵇، وقدم عليه القسم مع ما بعده؛ لتحقيق خبره.
ولما أراد واسع الراوي عنه التأكيد أيضًا؛ أعاد قوله: (فقال ابن عمر): (لقد) اللام فيه: جواب قسم محذوف؛ أي: والله لقد (ارتقيتُ)؛ بضم التاء؛ أي: صعدت، وفي رواية: (رقيت)، والقسم المقدَّر وجوابه: مقول (فقال)، (يومًا)؛ بالنصب على الظرفية، ولفظ: (يومًا) سقط في رواية (على ظهر بيت لنا) متعلق بـ (ارتقيت)، وفي رواية تأتي: (على ظهر بيتنا)، وفي أخرى تأتي: (على ظهر بيت حفصة)؛ يعني: أخته، كما صرَّح به في رواية مسلم، ويدلُّ له رواية ابن خزيمة: (فدخلت على حفصة بنت عمر فصعدت ظهر البيت)، والجمع بينهما بأنَّه بيت حفصة الذي أسكنها فيه النبي الأعظم ﵇، فالإضافة إليها ظاهرة، ونسب إليه إما باعتبار أنَّها أخته أو باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنَّه ورثها لكونه شقيقها دون إخوته، (فرأيت)؛ أي: أبصرت، فلا يقتضي إلا مفعولًا وحدًا وهو قوله: (النبي) الأعظم ﷺ على لَبِنتين) في محل نصب على الحال من (النبي) ﵇؛ أي: مستعليًا عليهما أو للتعليل، (مستقبلًا) بالنصب حال منه ويجوز أن يكونا حالين مترادفين ومتداخلين (بيتَ) مفعول (مستقبلًا) مضاف إلى قوله: (المقدس)؛ أي: ومستدبر الكعبة؛ للزومه عادة، وفي رواية تأتي: (مستقبل الشام مستدبر القبلة)، وعند ابن حبان: (مستقبل القبلة مستدبر الشام)، ولعلَّه مقلوب أو على تعدد القصة، والظاهر الأول؛ (لحاجته) اللام للتعليل؛ أي: لأجل حاجته أو للوقت؛ أي: وقت حاجته وهي التبرز، وعند الحكيم الترمذي: (فرأيته في كنيف)، وفي رواية ابن خزيمة: (فأشرفت على رسول الله ﵇ وهو على خلائه)، وفي رواية أخرى: (فرأيته يقضي حاجته محجوبًا بلَبِن)، ونَظَرُ ابن عمر له ﵇ وهو في تلك الحالة محمول على أنَّه وقعت منه تلك اتفاقًا للضرورة من غير قصد، كما يدل له الرواية الآتية، أو قصد ذلك فرأى رأسه دون ما عداه من بدنه، ثم تأمَّلَ قعوده، فعرف كيف هو جالس، فنقل ما شاهد.
وهذا يرد على من قال: بالجواز مطلقًا، يحتمل أنَّه رآه بالفضاء، وكونه على لَبِنتين لا يدل على البناء؛ لاحتمال أن يكون جلس عليهما ليرتفع بهما على الأرض، ويردُّ هذا الاحتمال أيضًا أنَّ ابن عمر كان يرى المنع من الاستقبال في الفضاء إلا بساتر، كما رواه أبو داود وغيره، فاستدلَّ بذلك مالك والشافعي على جواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في البنيان، وأنَّه مخصص لعموم النهي، كما ذكرناه في الباب قبله.
قلت: بل النهي باق على عمومه، وأن الحديث مخصوص بالنبي الأعظم ﵇، ويدل لذلك إنكار أبي أيوب، وأبي هريرة، ومعقل، وغيرهم على ابن عمر الاستقبال بالساتر، ويحتمل أنَّ ابن عمر رأى النبي الأعظم ﵇ وهو يستنجي بالأحجار مستقبلًا وهو جائز، ويحتمل أنَّ في أعالي السطح قذرًا فخشي النبي ﵇ أن يصيبه فارتفع على لبنتين لا للحاجة؛ بل للقذر، وعلى فرض كونه للحاجة يحتمل أنَّه كان في مهب الريح؛ لأنَّه العادة في المكان المرتفع، فلو استقبل الريح لا شك أنَّه يعود عليه الخارج، فاختار ﵇ استقبال بيت المقدس فيكون مستدبر الكعبة؛ لأنَّه أخف من استقبال القبلة؛ لأنَّه أقبح، على أنَّ حديث أبي أيوب راجح على حديث ابن عمر؛ لأنَّه قول وذاك فعل، والقول مقدم على الفعل عند المحققين، وهو مثبت وذاك منفي، والمثبت مقدم على النافي عند المدققين، فالمصير إلى حديث أبي أيوب متعين لوجود الاحتمالات في حديث ابن عمر والدليل إذا طرقه الاحتمال؛ سقط الاستدلال به، على أنَّ حديث أبي أيوب محرِّم، وحديث ابن عمر مبيح، والمحرِّم مقدم على المبيح عند الأصوليين فتعيَّن المصير إليه وسقط الاستدلال به؛ فليحفظ.
(وقال) أي: ابن عمر: (لعلَّك) الخطاب لواسع، وغلط من زعم أنَّه مرفوع، قاله ابن حجر، (من الذين يصلون على أوراكهم) جمع: ورك، كـ (كتف) مؤنثة، ففيها لغاتها، والوركان: العظمان على طرف عظم الفخذين، كما في «عمدة القاري»؛ أي: الذين لا يعرفون السنة، إذ لو كنت عارفًا بها؛ لعرفت جواز استقبال بيت المقدس ولما التفتَّ إلى قولهم.
وإنَّما كنَّى عن الجاهلين
بـ (الذين يصلون على أوراكهم)؛ لأنَّ المصلي على الورك لا يكون إلا جاهلًا بالسنة وإلا لما صلى عليه، والسنة في السجود التخوية؛ أي: لا يلصق الرجل بالأرض؛ بل يرفع عنها. (فقلت: لا أدري والله)؛ أي: قال واسع: لا أدري أنا منهم أم لا، أو لا أدري السنة في الاستقبال، فجواب القسم محذوف لدلالة المذكور عليه، أو المذكور قدم من تأخير كما قيل بنظيره في نحو: أقوم إن قام زيد. (قال مالك)؛ أي: ابن أنس في تفسير الصلاة على الورك: (يعني)؛ أي: ابن عمر بقوله ذلك (الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض يسجد) جملة في محل نصب على الحال، (وهو لاصق بالأرض) والجملة أيضًا محلها النصب على الحال، فتفسير الصلاة على الورك هو اللصوق بالأرض حالة السجود، وهو خلاف السنة؛ لأنَّ السنة أن يجافي؛ أي: يباعد بطنه عن فخذيه، وعضديه عن إبطيه؛ لأنَّه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض في غير زحمة، وعلى كلٍّ فصلاته صحيحة، وزعم بعضهم: أنَّ صلاته كذلك باطلة، ولعلَّه نظر إلى عدم نصب أصابعه على الأرض ولفظ (قال مالك) إن كان من قول المؤلف؛ نقْله منه يكون تعليقًا، وإن كان من قول عبد الله؛ يكون داخلًا تحت الإسناد المذكور، كذا في «عمدة القاري» ومثله في «الكرماني». قلت: والظاهر: أنَّ لفظ: (قال مالك) من قول المؤلف ومقوله -وهو (يعني...) إلخ- من قول ابن عمر، يدل لذلك سياق مسلم، وفي أوله عنده: (عن واسع قال: كنت أصلي في المسجد؛ فإذا عبد الله بن عمر جالس، فلما قضيت صلاتي؛ انصرفت إليه من شقي، فقال عبد الله: يقول ناس...)؛ فذكر الحديث، فكأن ابن عمر رأى منه في حالة السجود شيئًا لم يتحققه فسأله عنه بالعبارة المذكورة وكأنَّه بدأ بالقصة الأولى؛ لأنَّها من روايته المرفوعة. وقال العجلوني: لفظ (قال مالك) من قول المؤلف، ومقوله من قول مالك، انتهى. وهو غير ظاهر؛ لخفائه ومنشأ ذلك القول التعصب على الإمام بدر الدين العيني؛ فافهم. وفي الحديث: استعمال الكناية بالحاجة عن البول والغائط، وجواز الإخبار عن مثل ذلك للاقتداء والعمل. ومن الآداب: أن يكون المستنجي بعيدًا إذا كان في براح من الأرض أو ضرب حجاب أو ستر وأعماق الآبار والحفائر، وألا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض جاء ذلك في حديث أبي داود عن أنس، وتغطية الرأس كما كان الصديق الأكبر يفعله، وترك الكلام كفعل عثمان ﵁، والاستنجاء باليسار، وغسل اليد بعد الفراغ بالتراب، رواه ابن حبان، والاستجمار، واجتناب الروث والرمة، وألا يتوضأ في المغتسل، وينزع خاتمه إذا كان فيه اسم الله كما رواه النسائي، وألا يبول قائمًا، ولا في طريق الناس ولا ظلهم، ولا في الماء ومساقط الثمار وضفة الأنهار، وأن يتكئ على رجله اليسرى، وينثر ذكره ثلاثًا، وتمامه في كتب الفروع. (١٣) [باب خروج النساء إلى البراز] هذا (باب خروج النساء) من إضافة المصدر إلى فاعله (إلى البَراز)؛ بفتح الباء الموحدة، وبراء وزاي، بينهما ألف: اسم للفضاء الواسع من الأرض، ويكنى به عن الحاجة؛ سميت باسم الصحراء كما سميت بالغائط، وقال الخطابي: وكسر الموحدة غلط؛ لأنَّ البِراز؛ بالكسر: مصدر بارزت الرجل مبارزة، واعترضه ابن حجر بأنَّه يطلق بالكسر على نفس الخارج، فمن فتح؛ أراد الفضاء من إطلاق اسم المحل على الحال، ومن كسر؛ أراد نفس الخارج، واعترضه في «عمدة القاري» بأنَّ ابن الأعرابي قال: برِز بالكسر: إذا ظهر بعد خمول، وبرَز بالفتح: إذا خرج إلى البراز الغائط، وهو الفضاء الواسع، ويقول الفراء: (هو الموضع الذي ليس به خمر من شجر ولا غيره، والبراز: الحاجة)، وتمامه فيه، فالحقُّ ما قاله الخطابي، وكلامه في غاية التوجيه، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في اللغة. [حديث: أن أزواج النبي كنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع] ١٤٦ - وبه قال: (حدثنا يحيى بن بُكَير)؛ بضم الموحدة وفتح الكاف، بالتصغير (قال: حدثنا الليث)؛ أي: ابن سعد الفهمي من أتباع الإمام الأعظم على التحقيق (قال: حدثني) بالإفراد (عُقيل)؛ بضم العين المهملة مصغرًا، (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري، (عن عروة): هو ابن الزبير، (عن عائشة) أم المؤمنين ﵂: (أنَّ أزواج النبي) الأعظم ﷺ؛ أي: ومنهن عائشة؛ بناء على أنَّ المتكلم يدخل في عموم كلامه أمرًا، أو نهيًا، أو خبرًا، لكن المرجح أنه لا يدخل، ولذا لو أمر الإمام بصيام ثلاثة؛ فيجب أو يندب صومها عليهم دونه؛ فتأمَّل، (كُنَّ)؛ بتشديد النُّون، والجملة محلها الرفع خبر (أنَّ) (يخرجن): جملة محلها النصب خبر (كان) (بالليل): الباء ظرفية؛ أي: فيه (إذا) ظرفية (تبرَّزن)؛ أي: إذا خرجن إلى البراز للبول والغائط، وأصله من (برَز) بفتح عين الفعل؛ إذا خرج إلى البَراز للغائط؛ وهو الفضاء الواسع (إلى المَناصِع)؛ بفتح الميم وكسر الصَّاد المهملة، جمع مَنْصَع (مَفْعَل) كـ (مَقْعَد) من النصوع؛ وهو الخلوص، وهي المواضع خارج المدينة من جهة البقيع يتخلى فيها للحاجة، وسميت بالمناصع؛ لخلوصه عن الأبنية والأماكن، وتمامه في «عمدة القاري»، والجار والمجرور يتعلق بـ (يخرجن)، وقول الكرماني: إنه يتعلق بـ (تبرزن)؛ بعيد وإن تبعه العجلوني تعصبًا؛ فافهم. (وهو) مبتدأ؛ أي: المناصع (صعيدٌ)؛ بالتنوين: التراب أو وجه الأرض (أَفْيَح)؛ بفتح الهمزة، وسكون الفاء، وبالتحتية المفتوحة، وبالحاء المهملة، صفة وموصوف، خبر المبتدأ؛ أي: واسع، وأفرد الضمير مع رجوعه إلى المناصع؛ لأنَّها صارت علمًا للموضع، وهذه الجملة تفسير لـ (المناصع)، وهو يحتمل أن يكون من عائشة، أو من عروة، أو ممن دونه من الرواة، كما في «عمدة القاري»، واستظهر ابن حجر أنَّه من عائشة، واعترضه في «عمدة القاري» بأنَّه لا دليل على الظاهر؛ فافهم. (فكان) بالفاء وفي رواية: بالواو (عمر)؛ أي: ابن الخطاب ﵁ (يقول) جملة محلها النصب خبر (كان): (للنبي) الأعظم ﷺ: احجب نساءك) مقول القول؛ أي: امنعهن من الخروج من البيوت؛ بدليل قول عمر لسودة بعد نزول آية الحجاب: (قد عرفناك يا سودة)، ويحتمل أنَّه أراد الأمر بستر وجوههن، فلما وقع الأمر على ما أراد؛ أحب أيضًا أن تحجب أشخاصهن مبالغة في التستر، فلم يُجَب؛ للضرورة، قال ابن حجر: وهذا أظهر الاحتمالين، واعترضه في «عمدة القاري»: بأنَّ هذا الاحتمال لا يدل عليه هذا الحديث؛ بل حديث آخر، وإنَّما الأظهر الاحتمال الأول بشهادة سياق الكلام، وأطال الكلام في ذلك؛ فراجعه فإنه في غاية التحقيق والتدقيق، ولعمري إنَّه الصواب؛ فافهم. (فلم يكن رسول الله ﷺ يفعل)؛ أي: ما قاله عمر من حَجْبهن، والجملة محلها النصب خبر (كان)، وفيه دليل على أنَّه ﵇ كان ينتظر الوحي في الأمور الشرعية؛ لأنَّه لم يأمرهن بالحجاب مع وضوح الحاجة إليه حتى نزلت الآية، وكذا في الإذن لهنَّ بالخروج. (فخرجت سودةُ بنتُ)؛ بالرفع صفة لـ (سودة) (زَمَعَةَ)؛ بالجرِّ على الإضافة ممنوع من الصرف؛ للعلمية والتأنيث، وهي بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحات، وقال ابن الأثير في «النهاية»: وأكثر ما سمعنا أهل الحديث والفقهاء يقولونه بسكون الميم، ابن قيس القرشية العامرية (زوجُ النبي) الأعظم برفع (زوج) صفة، أو بدل، أو عطف بيان من (سودة) ﷺ أسلمت قديمًا وبايعت، وكانت تحت ابن عمٍّ لها، يقال له: السكران بن عمرو، أسلم معها وهاجرا جميعًا إلى الحبشة، فلما قدما مكة؛ مات زوجها، فتزوجها النبي الأعظم ﵇ ودخل بها بمكة، وذلك بعد موت خديجة، قبل
بـ (الذين يصلون على أوراكهم)؛ لأنَّ المصلي على الورك لا يكون إلا جاهلًا بالسنة وإلا لما صلى عليه، والسنة في السجود التخوية؛ أي: لا يلصق الرجل بالأرض؛ بل يرفع عنها. (فقلت: لا أدري والله)؛ أي: قال واسع: لا أدري أنا منهم أم لا، أو لا أدري السنة في الاستقبال، فجواب القسم محذوف لدلالة المذكور عليه، أو المذكور قدم من تأخير كما قيل بنظيره في نحو: أقوم إن قام زيد. (قال مالك)؛ أي: ابن أنس في تفسير الصلاة على الورك: (يعني)؛ أي: ابن عمر بقوله ذلك (الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض يسجد) جملة في محل نصب على الحال، (وهو لاصق بالأرض) والجملة أيضًا محلها النصب على الحال، فتفسير الصلاة على الورك هو اللصوق بالأرض حالة السجود، وهو خلاف السنة؛ لأنَّ السنة أن يجافي؛ أي: يباعد بطنه عن فخذيه، وعضديه عن إبطيه؛ لأنَّه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض في غير زحمة، وعلى كلٍّ فصلاته صحيحة، وزعم بعضهم: أنَّ صلاته كذلك باطلة، ولعلَّه نظر إلى عدم نصب أصابعه على الأرض ولفظ (قال مالك) إن كان من قول المؤلف؛ نقْله منه يكون تعليقًا، وإن كان من قول عبد الله؛ يكون داخلًا تحت الإسناد المذكور، كذا في «عمدة القاري» ومثله في «الكرماني». قلت: والظاهر: أنَّ لفظ: (قال مالك) من قول المؤلف ومقوله -وهو (يعني...) إلخ- من قول ابن عمر، يدل لذلك سياق مسلم، وفي أوله عنده: (عن واسع قال: كنت أصلي في المسجد؛ فإذا عبد الله بن عمر جالس، فلما قضيت صلاتي؛ انصرفت إليه من شقي، فقال عبد الله: يقول ناس...)؛ فذكر الحديث، فكأن ابن عمر رأى منه في حالة السجود شيئًا لم يتحققه فسأله عنه بالعبارة المذكورة وكأنَّه بدأ بالقصة الأولى؛ لأنَّها من روايته المرفوعة. وقال العجلوني: لفظ (قال مالك) من قول المؤلف، ومقوله من قول مالك، انتهى. وهو غير ظاهر؛ لخفائه ومنشأ ذلك القول التعصب على الإمام بدر الدين العيني؛ فافهم. وفي الحديث: استعمال الكناية بالحاجة عن البول والغائط، وجواز الإخبار عن مثل ذلك للاقتداء والعمل. ومن الآداب: أن يكون المستنجي بعيدًا إذا كان في براح من الأرض أو ضرب حجاب أو ستر وأعماق الآبار والحفائر، وألا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض جاء ذلك في حديث أبي داود عن أنس، وتغطية الرأس كما كان الصديق الأكبر يفعله، وترك الكلام كفعل عثمان ﵁، والاستنجاء باليسار، وغسل اليد بعد الفراغ بالتراب، رواه ابن حبان، والاستجمار، واجتناب الروث والرمة، وألا يتوضأ في المغتسل، وينزع خاتمه إذا كان فيه اسم الله كما رواه النسائي، وألا يبول قائمًا، ولا في طريق الناس ولا ظلهم، ولا في الماء ومساقط الثمار وضفة الأنهار، وأن يتكئ على رجله اليسرى، وينثر ذكره ثلاثًا، وتمامه في كتب الفروع. (١٣) [باب خروج النساء إلى البراز] هذا (باب خروج النساء) من إضافة المصدر إلى فاعله (إلى البَراز)؛ بفتح الباء الموحدة، وبراء وزاي، بينهما ألف: اسم للفضاء الواسع من الأرض، ويكنى به عن الحاجة؛ سميت باسم الصحراء كما سميت بالغائط، وقال الخطابي: وكسر الموحدة غلط؛ لأنَّ البِراز؛ بالكسر: مصدر بارزت الرجل مبارزة، واعترضه ابن حجر بأنَّه يطلق بالكسر على نفس الخارج، فمن فتح؛ أراد الفضاء من إطلاق اسم المحل على الحال، ومن كسر؛ أراد نفس الخارج، واعترضه في «عمدة القاري» بأنَّ ابن الأعرابي قال: برِز بالكسر: إذا ظهر بعد خمول، وبرَز بالفتح: إذا خرج إلى البراز الغائط، وهو الفضاء الواسع، ويقول الفراء: (هو الموضع الذي ليس به خمر من شجر ولا غيره، والبراز: الحاجة)، وتمامه فيه، فالحقُّ ما قاله الخطابي، وكلامه في غاية التوجيه، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في اللغة. [حديث: أن أزواج النبي كنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع] ١٤٦ - وبه قال: (حدثنا يحيى بن بُكَير)؛ بضم الموحدة وفتح الكاف، بالتصغير (قال: حدثنا الليث)؛ أي: ابن سعد الفهمي من أتباع الإمام الأعظم على التحقيق (قال: حدثني) بالإفراد (عُقيل)؛ بضم العين المهملة مصغرًا، (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري، (عن عروة): هو ابن الزبير، (عن عائشة) أم المؤمنين ﵂: (أنَّ أزواج النبي) الأعظم ﷺ؛ أي: ومنهن عائشة؛ بناء على أنَّ المتكلم يدخل في عموم كلامه أمرًا، أو نهيًا، أو خبرًا، لكن المرجح أنه لا يدخل، ولذا لو أمر الإمام بصيام ثلاثة؛ فيجب أو يندب صومها عليهم دونه؛ فتأمَّل، (كُنَّ)؛ بتشديد النُّون، والجملة محلها الرفع خبر (أنَّ) (يخرجن): جملة محلها النصب خبر (كان) (بالليل): الباء ظرفية؛ أي: فيه (إذا) ظرفية (تبرَّزن)؛ أي: إذا خرجن إلى البراز للبول والغائط، وأصله من (برَز) بفتح عين الفعل؛ إذا خرج إلى البَراز للغائط؛ وهو الفضاء الواسع (إلى المَناصِع)؛ بفتح الميم وكسر الصَّاد المهملة، جمع مَنْصَع (مَفْعَل) كـ (مَقْعَد) من النصوع؛ وهو الخلوص، وهي المواضع خارج المدينة من جهة البقيع يتخلى فيها للحاجة، وسميت بالمناصع؛ لخلوصه عن الأبنية والأماكن، وتمامه في «عمدة القاري»، والجار والمجرور يتعلق بـ (يخرجن)، وقول الكرماني: إنه يتعلق بـ (تبرزن)؛ بعيد وإن تبعه العجلوني تعصبًا؛ فافهم. (وهو) مبتدأ؛ أي: المناصع (صعيدٌ)؛ بالتنوين: التراب أو وجه الأرض (أَفْيَح)؛ بفتح الهمزة، وسكون الفاء، وبالتحتية المفتوحة، وبالحاء المهملة، صفة وموصوف، خبر المبتدأ؛ أي: واسع، وأفرد الضمير مع رجوعه إلى المناصع؛ لأنَّها صارت علمًا للموضع، وهذه الجملة تفسير لـ (المناصع)، وهو يحتمل أن يكون من عائشة، أو من عروة، أو ممن دونه من الرواة، كما في «عمدة القاري»، واستظهر ابن حجر أنَّه من عائشة، واعترضه في «عمدة القاري» بأنَّه لا دليل على الظاهر؛ فافهم. (فكان) بالفاء وفي رواية: بالواو (عمر)؛ أي: ابن الخطاب ﵁ (يقول) جملة محلها النصب خبر (كان): (للنبي) الأعظم ﷺ: احجب نساءك) مقول القول؛ أي: امنعهن من الخروج من البيوت؛ بدليل قول عمر لسودة بعد نزول آية الحجاب: (قد عرفناك يا سودة)، ويحتمل أنَّه أراد الأمر بستر وجوههن، فلما وقع الأمر على ما أراد؛ أحب أيضًا أن تحجب أشخاصهن مبالغة في التستر، فلم يُجَب؛ للضرورة، قال ابن حجر: وهذا أظهر الاحتمالين، واعترضه في «عمدة القاري»: بأنَّ هذا الاحتمال لا يدل عليه هذا الحديث؛ بل حديث آخر، وإنَّما الأظهر الاحتمال الأول بشهادة سياق الكلام، وأطال الكلام في ذلك؛ فراجعه فإنه في غاية التحقيق والتدقيق، ولعمري إنَّه الصواب؛ فافهم. (فلم يكن رسول الله ﷺ يفعل)؛ أي: ما قاله عمر من حَجْبهن، والجملة محلها النصب خبر (كان)، وفيه دليل على أنَّه ﵇ كان ينتظر الوحي في الأمور الشرعية؛ لأنَّه لم يأمرهن بالحجاب مع وضوح الحاجة إليه حتى نزلت الآية، وكذا في الإذن لهنَّ بالخروج. (فخرجت سودةُ بنتُ)؛ بالرفع صفة لـ (سودة) (زَمَعَةَ)؛ بالجرِّ على الإضافة ممنوع من الصرف؛ للعلمية والتأنيث، وهي بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحات، وقال ابن الأثير في «النهاية»: وأكثر ما سمعنا أهل الحديث والفقهاء يقولونه بسكون الميم، ابن قيس القرشية العامرية (زوجُ النبي) الأعظم برفع (زوج) صفة، أو بدل، أو عطف بيان من (سودة) ﷺ أسلمت قديمًا وبايعت، وكانت تحت ابن عمٍّ لها، يقال له: السكران بن عمرو، أسلم معها وهاجرا جميعًا إلى الحبشة، فلما قدما مكة؛ مات زوجها، فتزوجها النبي الأعظم ﵇ ودخل بها بمكة، وذلك بعد موت خديجة، قبل
1 / 54