Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript
أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط
प्रकाशक
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
प्रकाशक स्थान
https
शैलियों
(حدثنا خالد بن مَخْلد)؛ بفتح الميم وسكون الخاء: أبو الهيثم القَطَواني؛ بفتح القاف والطاء؛ نسبة لموضع بالكوفة، البجلي مولاهم، الكوفي، تُكُلِّم فيه، وقال ابن عدي: لا بأس به، المتوفى في المحرم سنة ثلاث عشرة ومئتينقال: (حدثنا سليمان) بن بلال أبو محمد التيمي القرشي المدني، الفقيه المشهور، وكان بربريًا حسنَ الهيئة، توفي سنة اثنتين وسبعين ومئة في خلافة هارون الرشيد بالمدينةقال: (حدثنا عبد الله بن دينار) القرشي العدوي المدني، (عن) عبد الله (ابن عمر) بن الخطاب ﵄، (عن النبي) الأعظم ﷺ أنه قال: (إن من الشجر) أي: من جنسه (شجرةً) بالنصب، وزاد المؤلف: (قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال: كنا عند النبي ﵇ فأُتي بجمارة، فقال: إنَّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها) صفة لـ (شجرة) مختصَّة بها دون غيرها، وفي رواية زيادة: (ولا يتحات)، (وإنَّها)؛ بكسر الهمزة، (مِثْل)؛ بكسر الأول وسكون الثاني، وبفتحهما؛ على ما مرَّ؛ أي: شِبْه (المسلم)، وفي رواية: «مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء لا يسقط ورقها ولا يتحات» (حدِّثوني) بدون فاء؛ أي: إن عرفتموها؛ حدثوني (ما هي؟) مبتدأ وخبر (فوقع الناس في شجر البوادي)؛ أي: ذهبت أفكارهم إليها دون النخلة، (قال) عبد الله بن عمر: (فوقع في نفسي)؛ بالفاء، وفي السابقة بالواو، وفي رواية: (فألقى الله في روعي) (أنها النخلة)، وفي رواية: (بينا نحن عند النبي ﵇ جلوس؛ إذ أُتي بجمار نخلة، فقال ﵇: «إنَّ مِنَ الشجر لَمَا بركتُه كبركة المسلم»، فظننتُ أنَّه يعني النخلة، فأردت أن أقول: هي النخلة يا رسول الله، ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم، فسكتُّ)، وفي رواية: (فاستحييت).
(ثم قالوا: حدِّثنا) المراد منه الطلب والسؤال (ما هي يا رسول الله؟)، وفي رواية: (قال: كنا عند رسول الله ﵇ ذات يوم، فقال: «إنَّ مثل المؤمن كمثل شجرة لا يسقط لها أنملة (^١) أتدرون ما هي؟» قالوا: لا. قال: هي النخلة)، زاد في هذه الرواية: «لا يسقط لها أنملة ولا يسقط لمؤمن دعوة»، ووجه الشبه بين النخلة والمسلم؛ من حيث عدم سقوط الورق وعدم سقوط الدعوة، والبركة في كل منهما في جميع الأجزاء.
وفي الحديث استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه؛ ليختبر أفهامهم، وفيه توقير الكبار وترك التكلم عندهم، واستحباب الحياء ما لم يؤدي إلى تفويت المصلحة، وفيه جواز اللغز مع بيانه، وما رواه أبو داود عن النبي ﵇: أنه نهى عن الأغلوطات -أي: صعاب المسائل- محمول على ما إذا خرج على سبيل تعنت المسؤول، أو تعجيزه، أو تخجيله، وفيه جواز طلب الأمثال، وفيه أن التشبيه لا عموم له، وفيه أن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه مَن هو دونه.
وفيه دلالة على فضيلة النخل، قال المفسرون: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ لا إله إلا الله ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ هي النخلة ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ في الأرض ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾؛ أي: رأسها ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ [حِينٍ]﴾ [إبراهيم: ٢٤ - ٢٥] وقت، فشبه الله الإيمان بالنخلة؛ لثبات الإيمان في قلب المؤمن كثبات النخلة في منبتها، وشبه ارتفاع عمله بارتفاع فروعها، وما يكتسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل وقت وزمان بما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها من الرطب والثمر، وقد ورد ذلك صريحًا فيما رواه البزار عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله ﵇ فذكر هذه الآية، فقال: «أتدرون ما هي؟» قال ابن عمر: لم يَخْفَ عليَّ أنَّها النخلة، فمنعني أن أتكلَّم؛ لمكان سِنِّي، فقال ﵇: «هي النخلة»، وروي في حديث مرفوع لكنه لم يثبت: أنَّ النخلة خلقت من بقية طينة آدم ﵇، فهي كالعمَّة للأناسيِّ، والله تعالى أعلم.
(٦) [باب ما جاء في العلم وقوله تعالى ﴿وقل رب زدنى علمًا﴾]
(باب ما جاء في العلم وقول الله تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾) [طه: ١١٤]؛ أي: سل الله زيادة، وهذا ساقط في أكثر الروايات، ثابت في رواية.
هذا (باب) في بيان حكم (القراءة والعرض على المحدِّث) متعلِّق بهما على التنازع؛ أي: بأن يقرأ عليه الطالب من حفظه أو كتاب، أو يسمعه عليه بقراءة غيره من كتابٍ أو حفظٍ، والمحدِّثُ حافظٌ للمقروء أو غيرُ حافظ مع تتبُّع أصلِه بنفسه أو ثقة ضابط غيره، واحترز به عن عرض المناولة؛ وهو العاري عن القراءة، وذلك بأنْ يعرض الطالب مرويَّ شيخه اليقظ العارف عليه، فيتأمَّله الشيخ، ثم يعيده عليه ويأذن له في روايته عنه.
(ورأى الحسن) البصري (وسفيان) الثوري (ومالك) بن أنس الإمام (القراءة) على المحدِّث (جائزة) في صحة النقل عنه، وادَّعى القاضي عياض عدم الخلاف في صحة الرواية بها، وروى الحاكم من طريق مطرِّف قال: صحبت مالكًا سبع عشرة سنة، فما رأيتُه قرأ «الموطأ» على أحد؛ بل يقرؤون عليه، وسمعتُه يأبى أشدَّ الإباء على مَن يقول: لا يجزئه إلَّا السماع من لفظ الشيخ، ويقول: كيف لا يجزئك هذا في الحديث ويجزئك في القرآن، والقرآن أعظم؟!
(قال أبو عبد الله) أي: المؤلف: (سمعت أبا عاصم) النبيل (يذكر عن سفيان) الثوري (ومالك) الإمام (أنهما كانا يريان القراءة والسماع جائزًا)، وفي رواية: (جائزة)؛ أي: القراءة؛ لأنَّ السماع لا نزاع فيه، وفي رواية: (حدثنا عُبيد الله بن موسى)؛ بضم العين، (عن سفيان) الثوري (قال: إذا قُرئ) على المحدِّث؛ (فلا بأس أن يقول: حدَّثَني) بالإفراد (وسمعتُ) منه، فالقراءة والسماع سواء.
(واحتجَّ بعضُهم)؛ هو الحميدي شيخ المؤلف (في القراءة على العالم)؛ أي: في صحة النقل عنه (بحديث ضِمام بن ثعلبة)؛ بكسر الضاد المعجمة، وثعلبة؛ بالمثلثة، ثم المهملة، وبعدَ اللام موحدة، وفي رواية: أنَّه (قال للنبي) الأعظم ﷺ: آللهُ)؛ بهمزة الاستفهام مبتدأ خبره قوله: (أمرك أن)؛ أي: بأنْ (تصلي) بالمثناة الفوقية، وفي رواية: بنون الجمع (الصلوات؟)، وفي رواية: بالإفراد، (قال) ﵇: (نعم) أمرنا أن نصلي، (قال) الحميدي: (فهذه قراءة على النبي) الأعظم ﷺ، وفي رواية: (فهذه قراءة على العالم)؛ (أخبر ضِمام قومه بذلك، فأجازوه)؛ أي: قبلوه منه، وليس المراد الإجازة المصطلحة عليها بين أهل الحديث، لا يقال: إجازة قومه لا حجة فيه؛ لأنَّهم كفرة؛ لأنا نقول: المراد الإجازة بعد الإسلام، أو لأنَّ فيهم مسلمون يومئذ.
فإن قلتَ: قولُه: (أخبر قومه بذلك) ليس في الحديث الذي ساقه المؤلف هنا، فكيف يحتجُّ به؟ قلت: لم يقع في هذا الطريق، وإنما وقع في طريق آخر ذكرها أحمد وغيره من طريق أبي إسحاق قال: حدثني محمد بن الوليد، عن كُريب، عن ابن عباس قال: بعث [بنو] سعد بن بكر (^٢) ضِمامَ بن ثعلبة... فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: [أنَّ] ضِمامًا قال لقومه عندما رجع إليهم: إنَّ الله قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال: فوالله ما أمسى في ذلك اليوم وفي حاضريهم رجل ولا امرأة إلا مسلمًا.
(واحتج مالك) الإمام (بالصَّكِّ)؛ بفتح المهملة وتشديد الكاف: الكتاب، فارسي معرب، جمعه: أصك وصكاك، والمراد به: المكتوب الذي يكتب فيه إقرار المقر (يُقرأ على القوم)؛ بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول، (فيقولون)؛ أي: الشاهدون لا القوم؛ لأنَّ المراد منهم من يعطي الصك؛ وهم المقرُّون بالديون أو غيرها، فلا يصح لهم أن يقولوا. قسطلاني: (أشهدَنَا فلانٌ) بالتنوين (ويقرأ ذلك قراءة عليهم)، وفي رواية: (وإنما ذلك قراءة عليهم)، فتسوغ الشهادة عليهم بقولهم: نعم، بعد قراءة المكتوب عليهم، مع عدم تلفظهم بما هو مكتوب، وهذه حجة؛ لأنَّ الإشهاد أقوى حالات الإخبار، (ويُقرَأ) بضم أوله مبنيًّا للمفعول أيضًا (على المقرئ) المعلم للقرآن، (فيقول القارئ) عليه: (أقرأني فلانٌ) بالتنوين.
وقاس مالك قراءة الحديث على قراءة القرآن، فروى الخطيب البغدادي من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكًا، وسئل عن الكتب التي تعرض عليه: أيقول الرجل: حدثني؟ قال: نعم، كذلك القرآن، أليس الرجل يقرأ على الرجل فيقول: أقرأني فلان، فكذلك إذا قرأ على العالم؛ صح أن يروي عنه، كذا في «عمدة القاري».
وبه قال: (حدثنا محمد بن سلَام)؛ بتخفيف اللام، البيكندي (قال: حدثنا محمد بن الحسن)؛ بفتح الحاء المهملة، ابن عمران (الواسطي) قاضي واسط، المتوفى سنة تسع وثمانين ومئة، وليس له في «البخاري» غير هذا، (عن عَوف)؛ بفتح العين آخره فاء، هو ابن أبي جميلة المعروف بالأعرابي، (عن الحسن) هو البصري (قال: لا بأس)؛ أي: في صحة النقل عن المحدث (بالقراءة على العالم)؛ أي: الشيخ، متعلق بالقراءة، لا خبر لقوله: (لا بأس)؛ فليحفظ.
وهذا الأثر رواه الخطيب بأتمَّ سياقًا منه من طريق أحمد ابن حنبل، عن محمد بن الحسن الواسطي، عن عوف الأعرابي: أن رجلًا سأل الحسن فقال: يا أبا سعيد؛ منزلي بعيد والاختلافُ يشقُّ عليَّ، فإن لم تكن ترى بأسًا؛ قرأت عليك، قال: ما أبالي قرأتُ عليك أو قرأتَ عليَّ، قال: فأقول: حدَّثني الحسن؟ قال: نعم؛ حدَّثني الحسن، كذا في «عمدة القاري».
وبه قال: (حدثنا عُبيد الله)؛ بضم العين، وفتح الموحدة، مصغرًا (ابن موسى) بن باذام العبسي؛ بالمهملتين، (عن سفيان) الثوري أنَّه (قال: إذا قُرِئ)؛ بضم القاف، وكسر الراء، وفي رواية: (إذا قرأت)، وفي أخرى: (إذا قرأ) (على المحدِّث؛ فلا بأس) على القارئ (أن يقول: حدَّثني) كما جاز أن يقول: أخبرني، فهو مشعرٌ بأنَّه لا تفاوت عنده بين (حدثني) و(أخبرني)، وبين أن يقرأ على الشيخ أو يقرأ الشيخ عليه، كذا في «عمدة القاري».
(قال) أي: المؤلف: (وسمعت)، وفي رواية: (قال أبو عبد الله: سمعت) بغير واو (أبا عاصم)؛ هو الضحَّاك بن مَخْلد؛ بفتح الميم، الشيباني البصري، المشهور بالنَّبِيل؛ بفتح النون، وكسر الموحدة، وسكون المثناة التحتية، آخره لام، لقب به؛ لأنَّه كان يلازم الإمام زفر، وكان حسنَ الحال في كسوته، فجاء النبيل يومًا إلى بابه، فقال الخادم
_________
(^١) في الأصل: (أبلمة)، وكذا في الموضع السابق.
(^٢) زيد في الأصل: (بن)، ولا يصح.
للإمام زفر: أبو عاصم بالباب، فقال له: أيهما؟ فقال: ذاك النبيل. أو لكبر أنفه، توفي في ذي الحجة، سنة تسع ومئتين، عن تسعين سنة وستة أشهر، (يقول عن مالك) الإمام (و) عن (سفيان) الثوري: (القراءة على العالم)؛ أي: الشيخ، (وقراءته)؛ أي: الشيخ (سواء)؛ أي: متساوية في الرتبة في صحة النقل وجواز الرواية. وقال إمامنا الإمام الأعظم: قراءة الطالب على الشيخ أرجح من قراءته بنفسه؛ لأنَّه أضبط، وهو قول ابن أبي ذئب والإمام مالك، كما ذكره الدارقطني عنه، وقيل: إن قراءة الشيخ بنفسه أرجح [حديث: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي] ٦٣ - وبه قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف) التِّنِّيسي (قال: حدثنا الليث) بن سعد الفهمي، وهو من أتباع إمامنا الإمام الأعظم، (عن سعيد) بن أبي سعيد؛ بكسر العين فيهما، (هو المقبُري)؛ بضم الموحدة، ولفظ (هو) سقط في رواية. (عن شريك)؛ بفتح المعجمة، (ابن عبد الله بن أبي نَمِر)؛ بفتح النون وكسر الميم، القرشي المدني، المتوفى سنة أربعين ومئة، (أنه سمع أنس بن مالك) ﵁؛ أي: كلامه حال كونه، (يقول: بينما) أصله: (بين) زيدت عليها (ما) ظرف زمان، وفي رواية: (بينا)؛ بغير ميم (نحن) مبتدأ خبره قوله: (جلوس)؛ جمع جالس، (مع النبي) الأعظم ﷺ في المسجد)؛ أي: مسجد رسول الله ﵇، فـ (أل) للعهد، (دخل رجل) جواب (بينما)، وفي رواية: (إذ دخل رجل)، لكن الأصمعي لا يستفصح (إذ) و(إذا) في جواب (بينا) و(بينما). (على جَمَل) صفة لـ (رجل)، زوج الناقة؛ بفتح الجيم والميم، [و] تسكين الميم لغة، وبه قرأ ابن السماك: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمْلُ﴾؛ بسكون الميم، جمعه جمال، وجمالة، وجمالات، وجمائل، وأجمال. (فأناخه)؛ أي: أبركه على ركبتيه، أصله: فأنْوَخه، قلبت الواو ألفًا بعد نقل حركتها إلى ما قبلَها، (في) رحبة (المسجد) أو ساحته، (ثم عَقَلَه)؛ بفتح العين المهملة والقاف المخففة؛ أي: شدَّ على ساقه مع ذراعه حبلًا بعد أن ثنى ركبتيه، وفيه جواز إدخال البعير في المسجد، وهو دليل على طهارة أبوال الإبل وأرواثها، وهو قول الإمام محمد الشيباني شيخ الإمام الشافعي. وقال إمامنا الإمام الأعظم والإمام أبو يوسف: إنَّ أبوالها نجسة نجاسةً مخففة، ولا دليل في الحديث على الطهارة؛ لأنَّه روى أبو نُعيم: (أقبل على بعير له حتى أتى المسجد فأناخه، ثم عَقَله فدخل المسجد)، وفي رواية أحمد والحاكم عن ابن عباس: (فأناخ بعيره على باب المسجد فعَقَله، ثم دخل)، وهذا يدل على أنَّه لم يدخل المسجد؛ فتأمل. (ثم قال لهم: أيُّكم) استفهام مرفوع على الابتداء، خبره (محمد؟ والنبي) الأعظم ﷺ مُتَّكِئٌ)؛ بضم الميم آخره همزة اسم فاعل، أصله: موتكئ، قُلبت الواو تاء، وأُدغمت التاء في التاء؛ أي: استوى على وِطاء، والجملة اسمية وقعت حالًا. (بين ظهرانيهم)؛ بفتح الظاء المعجمة والنون؛ أي: بين أصحابه، وزيد لفظ (الظهر)؛ ليدل على أنَّ ظهرًا منهم قُدَّامَه وظهرًا منهم وراءَه، فهو محفوفٌ بهم من جانبيه، والألف والنون للتأكيد، وقيل: زيدت الألف والنون على (ظهر) عند التثنية، ثم كثر حتى استُعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا؛ أي: فهو ممَّا أُريد بلفظ التثنية فيه معنى الجمع، واستُشكل ثبوت النون مع الإضافة، ودُفع بأنَّه ملحق بالمثنى لا أنَّه مثنًى حقيقةً، وحذفت منه نون التثنية فصار (ظهرانيهم). (فقلنا: هذا الرجل) مبتدأ وخبر، (الأبيض) صفة لـ (رجل)، وقوله: (المتكئ) بالرفع صفة لـ (رجل) أيضًا، والمراد بـ (الأبيض): هو البياض المشرب بحمرة، كما دل عليه رواية الحارث ابن عمير قال: (الأمغر)، فُسِّر بالحمرة مع بياضٍ صافٍ، ولا تنافي بين وصفه هنا بالبياض وبين ما ورد أنَّه ليس بأبيض، ولا آدم؛ لأنَّ المنفي البياض الخالص كلون الجصِّ كريه المنظر، كلون [البرص] (^١)، كذا في «عمدة القاري». (فقال له) ﵇ (الرجل) المذكور: (أَبنَ عبد المطلب)؛ بفتح الهمزة والنون: منادى مضاف، أصله: يا ابن عبد المطلب، فحذف حرف النداء، وفي رواية: (يا ابن عبد المطلب)، وفي رواية: بكسر الهمزة وفتح النون. (فقال له النبي) الأعظم ﷺ: قد أجبتك)؛ أي: سمعتك، أو المراد إنشاء الإجابة أو نزل تقريره للصحابة في الإعلام عنه منزلة النطق، وإنَّما لم يجبه بنعم؛ لأنَّه أخلَّ بما يجب من رعاية التعظيم والأدب؛ حيث قال: (أيُّكم محمد؟)، وقال تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣]، فحقُّه أن يخاطبه بالرسالة أو بالنبوة، فلما قال: (أيُّكم محمد؟)؛ علم ﵇ أنَّه باقٍ على جفاء الجاهلية، فلم ينكر عليه ولم يرد عليه، أو أنَّه لم يكن آمَنَ، أو كان ذلك قبل النهي عن مخاطبته ﵇ بذلك، أو لم يبلغه. وقال أيضًا: (ابن عبد المطلب) وكان ﵇ يكره الانتساب إلى الكفار، لعله أراد تطابق الجواب للسؤال بقوله: أيُّكم بابن عبد المطلب؟ فأجابه ﵇: أنا ابن عبد المطلب، وإنَّما كره هنا ذلك وقال يوم حنين: أنا ابن عبد المطلب؛ للإشارة إلى رؤيا رآها عبد المطلب مشهورة كانت إحدى دلائل نبوته فذكرهم بها، وبخروج الأمر على الصدق. (فقال الرجل) المذكور (للنبي) الأعظم ﷺ، وسقط في رواية قوله: (الرجل...) إلخ، وفي أخرى: لفظ (الرجل) فقط، (إني سائلُك) جملة اسمية مؤكدة بـ (إن) مقول القول، (فمشدِّدٌ عليك في المسألة)؛ بكسر الدال الأولى المثقلة، والفاء عاطفة على (سائلك)، (فلا تجِدْ)؛ بكسر الجيم والجزم على النهي، وهي من الوجدة؛ أي: لا تغضب، (عليَّ في نفسك، فقال) ﵇ له: (سل عمَّا بدا) من البُدُوِّ؛ أي: ظهر، (لك، فقال) الرجل المذكور: (أسألك بربك)؛ أي: بحقِّ ربِّك، الباء للقسم، (ورب من قبلك، آللهُ)؛ بهمزة الاستفهام الممدودة والرفع على الابتداء، وقوله: (أرسلك) خبره، وعند مسلم: (فبالذي خلق الأرض ونصب هذه الجبال، آللهُ أرسلك)، (إلى الناس كلهم) الإنس والجن، (فقال) ﵇، وفي رواية: (قال). (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم) الميم بدل عن حرف النداء، وذكر ذلك؛ ليدل على تيقن المجيب في الجواب المقترن به؛ كأنه ينادي تعالى متشهدًا على ما قاله في الجواب، وهذه الأيمان المذكورة إنَّما ذكرت للتأكيد وتقرير الأمر. (قال) وفي رواية: (فقال الرجل المذكور)، (أَنْشُدُك)؛ بفتح الهمزة، وإسكان النون، وضم المعجمة؛ أي: أسألك، (بالله) الباء للقسم، (آللهُ أمرك)؛ بمدِّ الهمزة، وفيه همزتان الأولى للاستفهام والثانية للجلالة، (أن نصلي الصلوات الخمس)؛ بنون الجمع، وفي رواية: بتاء الخطاب، وفي رواية: الصلاة بالإفراد؛ أي: جنس الصلاة، وكلُّ ما وجب عليه فهو واجب على أمته حتى يقوم دليل الخصوصية، وفي رواية ثابت عن أنس بلفظ: (أن علينا خمس صلوات يومَنا وليلتَنا)؛ فافهم. (في اليوم والليلة، قال) ﵇: (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم، قال) الرجل المذكور: (أنشدك)؛ أي: أسألك (بالله) باؤه للقسم، (آللهُ) بالمدِّ، (أمرك أن تصوم)؛ بتاء الخطاب، وفي رواية: بالنون، (هذا الشهر من السنة)؛ أي: رمضان من كلِّ سنة، فـ (اللام) فيهما للعهد، والإشارة لنوعه لا لعينه. (قال) ﵇: (اللهمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم، قال) الرجل المذكور: (أَنشدك) أسألك (بالله، آللهُ)؛ بالمدِّ، (أمرك أن تأخذ)؛ بتاء المخاطب؛ أي: بأن تأخذ، (هذه الصدقة) المعهودة؛ وهي الزكاة، (من أغنيائنا فتقسمَها)؛ بتاء المخاطب المفتوحة، والنصب عطفًا على (أن تأخذ)، (على فقرائنا) من تغليب الاسم للكل بمقابلة الأغنياء؛ إذ خرج مخرج الأغلب؛ لأنَّهم الأغلب من الأصناف الثمانية. (فقال النبي) الأعظم ﷺ له: (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم)؛ أي: اشهد على ما قلت في الجواب، قال أكثر الشُّرَّاح: ولم يتعرَّض للحجِّ؛ لأنَّه كان معلومًا عندهم في شريعة إبراهيم. قال في «عمدة القاري»: وهو مذكور في «صحيح مسلم بن الحجاج القشيري»، فقد وقع فيه ذكر الحجِّ ثابتًا عن أنس ابن مالك، وكذا في حديث أبي هريرة وابن عباس أيضًا عند مسلم، وقيل: إنَّما لم يذكره؛ لأنَّه لم يكن فُرِضَ، أو لأنَّه لم يكن من أهل الاستطاعة. (فقال الرجل) المذكور لرسول الله ﵇: (آمنتُ بما)؛ أي: بالذي، (جئتَ به) من الوحي، واختُلف هل كان مسلمًا عند قدومه أم [لا]؛ فقال جماعة: إنَّه كان مسلمًا قبل وفوده، وإليه ذهب المؤلف وبوَّب له: باب القراءة والعرض على المحدِّث، مستدلًا بقوله: (آمنت بما جئت به)، وبقوله: (وأنا رسول من) مبتدأ وخبر مضاف إلى (مَن) بفتح الميم (ورائي)؛ أي: مَن خلفي، (مِن)؛ بكسر الميم، (قومي)، وإنَّ هذا إخبارٌ، ورجَّحَه القاضي عياض، وقال جماعة: إنَّه لم يكن مسلمًا وقت قدومه، وإنَّما كان إسلامه بعدَه؛ لأنَّه كان متثبتًا، ويدل عليه ما في حديث ابن عباس رواه ابن إسحاق: (أنَّ بني سعد بن بكر بعثوا ضِمام بن ثعلبة...) الحديث، وفي آخره: (حتى إذا فرغ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله). وأجابوا عن قوله: (آمنت): بأنَّه إنشاء وابتداء الإيمان، لا إخبار بإيمانٍ تقدم، وكذلك قوله: (وأنا رسول مَن ورائي)، وبأنَّه لا يلزم مِن تبويب المؤلف له أنَّه كان مسلمًا؛ لأنَّ العرض على المحدث هو القراءة عليه أعمّ من أن يكون تقدمت له أو ابتدأها. وقالوا: قد بوَّب أبو داود عليه: باب المشرك يدخل المسجد، وهو يدل على أنَّه لم يكن مسلمًا قبل قدومه، والظاهر: أنَّه قبل قدومه لم يكن _________ (^١) في الأصل: (البربر).
للإمام زفر: أبو عاصم بالباب، فقال له: أيهما؟ فقال: ذاك النبيل. أو لكبر أنفه، توفي في ذي الحجة، سنة تسع ومئتين، عن تسعين سنة وستة أشهر، (يقول عن مالك) الإمام (و) عن (سفيان) الثوري: (القراءة على العالم)؛ أي: الشيخ، (وقراءته)؛ أي: الشيخ (سواء)؛ أي: متساوية في الرتبة في صحة النقل وجواز الرواية. وقال إمامنا الإمام الأعظم: قراءة الطالب على الشيخ أرجح من قراءته بنفسه؛ لأنَّه أضبط، وهو قول ابن أبي ذئب والإمام مالك، كما ذكره الدارقطني عنه، وقيل: إن قراءة الشيخ بنفسه أرجح [حديث: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي] ٦٣ - وبه قال: (حدثنا عبد الله بن يوسف) التِّنِّيسي (قال: حدثنا الليث) بن سعد الفهمي، وهو من أتباع إمامنا الإمام الأعظم، (عن سعيد) بن أبي سعيد؛ بكسر العين فيهما، (هو المقبُري)؛ بضم الموحدة، ولفظ (هو) سقط في رواية. (عن شريك)؛ بفتح المعجمة، (ابن عبد الله بن أبي نَمِر)؛ بفتح النون وكسر الميم، القرشي المدني، المتوفى سنة أربعين ومئة، (أنه سمع أنس بن مالك) ﵁؛ أي: كلامه حال كونه، (يقول: بينما) أصله: (بين) زيدت عليها (ما) ظرف زمان، وفي رواية: (بينا)؛ بغير ميم (نحن) مبتدأ خبره قوله: (جلوس)؛ جمع جالس، (مع النبي) الأعظم ﷺ في المسجد)؛ أي: مسجد رسول الله ﵇، فـ (أل) للعهد، (دخل رجل) جواب (بينما)، وفي رواية: (إذ دخل رجل)، لكن الأصمعي لا يستفصح (إذ) و(إذا) في جواب (بينا) و(بينما). (على جَمَل) صفة لـ (رجل)، زوج الناقة؛ بفتح الجيم والميم، [و] تسكين الميم لغة، وبه قرأ ابن السماك: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمْلُ﴾؛ بسكون الميم، جمعه جمال، وجمالة، وجمالات، وجمائل، وأجمال. (فأناخه)؛ أي: أبركه على ركبتيه، أصله: فأنْوَخه، قلبت الواو ألفًا بعد نقل حركتها إلى ما قبلَها، (في) رحبة (المسجد) أو ساحته، (ثم عَقَلَه)؛ بفتح العين المهملة والقاف المخففة؛ أي: شدَّ على ساقه مع ذراعه حبلًا بعد أن ثنى ركبتيه، وفيه جواز إدخال البعير في المسجد، وهو دليل على طهارة أبوال الإبل وأرواثها، وهو قول الإمام محمد الشيباني شيخ الإمام الشافعي. وقال إمامنا الإمام الأعظم والإمام أبو يوسف: إنَّ أبوالها نجسة نجاسةً مخففة، ولا دليل في الحديث على الطهارة؛ لأنَّه روى أبو نُعيم: (أقبل على بعير له حتى أتى المسجد فأناخه، ثم عَقَله فدخل المسجد)، وفي رواية أحمد والحاكم عن ابن عباس: (فأناخ بعيره على باب المسجد فعَقَله، ثم دخل)، وهذا يدل على أنَّه لم يدخل المسجد؛ فتأمل. (ثم قال لهم: أيُّكم) استفهام مرفوع على الابتداء، خبره (محمد؟ والنبي) الأعظم ﷺ مُتَّكِئٌ)؛ بضم الميم آخره همزة اسم فاعل، أصله: موتكئ، قُلبت الواو تاء، وأُدغمت التاء في التاء؛ أي: استوى على وِطاء، والجملة اسمية وقعت حالًا. (بين ظهرانيهم)؛ بفتح الظاء المعجمة والنون؛ أي: بين أصحابه، وزيد لفظ (الظهر)؛ ليدل على أنَّ ظهرًا منهم قُدَّامَه وظهرًا منهم وراءَه، فهو محفوفٌ بهم من جانبيه، والألف والنون للتأكيد، وقيل: زيدت الألف والنون على (ظهر) عند التثنية، ثم كثر حتى استُعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا؛ أي: فهو ممَّا أُريد بلفظ التثنية فيه معنى الجمع، واستُشكل ثبوت النون مع الإضافة، ودُفع بأنَّه ملحق بالمثنى لا أنَّه مثنًى حقيقةً، وحذفت منه نون التثنية فصار (ظهرانيهم). (فقلنا: هذا الرجل) مبتدأ وخبر، (الأبيض) صفة لـ (رجل)، وقوله: (المتكئ) بالرفع صفة لـ (رجل) أيضًا، والمراد بـ (الأبيض): هو البياض المشرب بحمرة، كما دل عليه رواية الحارث ابن عمير قال: (الأمغر)، فُسِّر بالحمرة مع بياضٍ صافٍ، ولا تنافي بين وصفه هنا بالبياض وبين ما ورد أنَّه ليس بأبيض، ولا آدم؛ لأنَّ المنفي البياض الخالص كلون الجصِّ كريه المنظر، كلون [البرص] (^١)، كذا في «عمدة القاري». (فقال له) ﵇ (الرجل) المذكور: (أَبنَ عبد المطلب)؛ بفتح الهمزة والنون: منادى مضاف، أصله: يا ابن عبد المطلب، فحذف حرف النداء، وفي رواية: (يا ابن عبد المطلب)، وفي رواية: بكسر الهمزة وفتح النون. (فقال له النبي) الأعظم ﷺ: قد أجبتك)؛ أي: سمعتك، أو المراد إنشاء الإجابة أو نزل تقريره للصحابة في الإعلام عنه منزلة النطق، وإنَّما لم يجبه بنعم؛ لأنَّه أخلَّ بما يجب من رعاية التعظيم والأدب؛ حيث قال: (أيُّكم محمد؟)، وقال تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣]، فحقُّه أن يخاطبه بالرسالة أو بالنبوة، فلما قال: (أيُّكم محمد؟)؛ علم ﵇ أنَّه باقٍ على جفاء الجاهلية، فلم ينكر عليه ولم يرد عليه، أو أنَّه لم يكن آمَنَ، أو كان ذلك قبل النهي عن مخاطبته ﵇ بذلك، أو لم يبلغه. وقال أيضًا: (ابن عبد المطلب) وكان ﵇ يكره الانتساب إلى الكفار، لعله أراد تطابق الجواب للسؤال بقوله: أيُّكم بابن عبد المطلب؟ فأجابه ﵇: أنا ابن عبد المطلب، وإنَّما كره هنا ذلك وقال يوم حنين: أنا ابن عبد المطلب؛ للإشارة إلى رؤيا رآها عبد المطلب مشهورة كانت إحدى دلائل نبوته فذكرهم بها، وبخروج الأمر على الصدق. (فقال الرجل) المذكور (للنبي) الأعظم ﷺ، وسقط في رواية قوله: (الرجل...) إلخ، وفي أخرى: لفظ (الرجل) فقط، (إني سائلُك) جملة اسمية مؤكدة بـ (إن) مقول القول، (فمشدِّدٌ عليك في المسألة)؛ بكسر الدال الأولى المثقلة، والفاء عاطفة على (سائلك)، (فلا تجِدْ)؛ بكسر الجيم والجزم على النهي، وهي من الوجدة؛ أي: لا تغضب، (عليَّ في نفسك، فقال) ﵇ له: (سل عمَّا بدا) من البُدُوِّ؛ أي: ظهر، (لك، فقال) الرجل المذكور: (أسألك بربك)؛ أي: بحقِّ ربِّك، الباء للقسم، (ورب من قبلك، آللهُ)؛ بهمزة الاستفهام الممدودة والرفع على الابتداء، وقوله: (أرسلك) خبره، وعند مسلم: (فبالذي خلق الأرض ونصب هذه الجبال، آللهُ أرسلك)، (إلى الناس كلهم) الإنس والجن، (فقال) ﵇، وفي رواية: (قال). (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم) الميم بدل عن حرف النداء، وذكر ذلك؛ ليدل على تيقن المجيب في الجواب المقترن به؛ كأنه ينادي تعالى متشهدًا على ما قاله في الجواب، وهذه الأيمان المذكورة إنَّما ذكرت للتأكيد وتقرير الأمر. (قال) وفي رواية: (فقال الرجل المذكور)، (أَنْشُدُك)؛ بفتح الهمزة، وإسكان النون، وضم المعجمة؛ أي: أسألك، (بالله) الباء للقسم، (آللهُ أمرك)؛ بمدِّ الهمزة، وفيه همزتان الأولى للاستفهام والثانية للجلالة، (أن نصلي الصلوات الخمس)؛ بنون الجمع، وفي رواية: بتاء الخطاب، وفي رواية: الصلاة بالإفراد؛ أي: جنس الصلاة، وكلُّ ما وجب عليه فهو واجب على أمته حتى يقوم دليل الخصوصية، وفي رواية ثابت عن أنس بلفظ: (أن علينا خمس صلوات يومَنا وليلتَنا)؛ فافهم. (في اليوم والليلة، قال) ﵇: (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم، قال) الرجل المذكور: (أنشدك)؛ أي: أسألك (بالله) باؤه للقسم، (آللهُ) بالمدِّ، (أمرك أن تصوم)؛ بتاء الخطاب، وفي رواية: بالنون، (هذا الشهر من السنة)؛ أي: رمضان من كلِّ سنة، فـ (اللام) فيهما للعهد، والإشارة لنوعه لا لعينه. (قال) ﵇: (اللهمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم، قال) الرجل المذكور: (أَنشدك) أسألك (بالله، آللهُ)؛ بالمدِّ، (أمرك أن تأخذ)؛ بتاء المخاطب؛ أي: بأن تأخذ، (هذه الصدقة) المعهودة؛ وهي الزكاة، (من أغنيائنا فتقسمَها)؛ بتاء المخاطب المفتوحة، والنصب عطفًا على (أن تأخذ)، (على فقرائنا) من تغليب الاسم للكل بمقابلة الأغنياء؛ إذ خرج مخرج الأغلب؛ لأنَّهم الأغلب من الأصناف الثمانية. (فقال النبي) الأعظم ﷺ له: (اللَّهُمَّ)؛ أي: يا الله، (نعم)؛ أي: اشهد على ما قلت في الجواب، قال أكثر الشُّرَّاح: ولم يتعرَّض للحجِّ؛ لأنَّه كان معلومًا عندهم في شريعة إبراهيم. قال في «عمدة القاري»: وهو مذكور في «صحيح مسلم بن الحجاج القشيري»، فقد وقع فيه ذكر الحجِّ ثابتًا عن أنس ابن مالك، وكذا في حديث أبي هريرة وابن عباس أيضًا عند مسلم، وقيل: إنَّما لم يذكره؛ لأنَّه لم يكن فُرِضَ، أو لأنَّه لم يكن من أهل الاستطاعة. (فقال الرجل) المذكور لرسول الله ﵇: (آمنتُ بما)؛ أي: بالذي، (جئتَ به) من الوحي، واختُلف هل كان مسلمًا عند قدومه أم [لا]؛ فقال جماعة: إنَّه كان مسلمًا قبل وفوده، وإليه ذهب المؤلف وبوَّب له: باب القراءة والعرض على المحدِّث، مستدلًا بقوله: (آمنت بما جئت به)، وبقوله: (وأنا رسول من) مبتدأ وخبر مضاف إلى (مَن) بفتح الميم (ورائي)؛ أي: مَن خلفي، (مِن)؛ بكسر الميم، (قومي)، وإنَّ هذا إخبارٌ، ورجَّحَه القاضي عياض، وقال جماعة: إنَّه لم يكن مسلمًا وقت قدومه، وإنَّما كان إسلامه بعدَه؛ لأنَّه كان متثبتًا، ويدل عليه ما في حديث ابن عباس رواه ابن إسحاق: (أنَّ بني سعد بن بكر بعثوا ضِمام بن ثعلبة...) الحديث، وفي آخره: (حتى إذا فرغ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله). وأجابوا عن قوله: (آمنت): بأنَّه إنشاء وابتداء الإيمان، لا إخبار بإيمانٍ تقدم، وكذلك قوله: (وأنا رسول مَن ورائي)، وبأنَّه لا يلزم مِن تبويب المؤلف له أنَّه كان مسلمًا؛ لأنَّ العرض على المحدث هو القراءة عليه أعمّ من أن يكون تقدمت له أو ابتدأها. وقالوا: قد بوَّب أبو داود عليه: باب المشرك يدخل المسجد، وهو يدل على أنَّه لم يكن مسلمًا قبل قدومه، والظاهر: أنَّه قبل قدومه لم يكن _________ (^١) في الأصل: (البربر).
1 / 21