قال: إن ذلك لا يوجب الإمهال، ولا بد من إتمام الأمر؛ فالشاب ممن يليقون بنا.
قالت: ولكن ... وخنقتها العبرات.
فبادرها قائلا: لا حاجة بنا إلى التردد وقد قضي الأمر ووعدت الرجل وعدا شافيا بك. فلم تستطع فدوى جوابا لشدة تأثرها واشتغالها بالبكاء.
فغضب الباشا منها وانتهرها قائلا: ما معنى هذا البكاء؟ ألعلك تريدين خداعي بدموعك؟ فلا حاجة بنا إلى الإطالة، فالغد موعد الاقتران.
فترامت على يدي والدها تقبلهما وهي تقول: ارحم، يا أبتاه، ابنة مسكينة، واسمح لها بكلمة فأحس بالحنو الوالدي. فانعطف قلبه نحوها وقال: تكلمي ما بدا لك، فقالت : سيدي، لا تظلم ابنتك ولا تحملها ما لا تطيق، فأنا مجبورة على تتميم أوامرك كلها، ولكن هذا شيء ... لا أقدر على ... إجرائه.
فقال: ماذا ...؟ وهل تعنين مخالفة قولي؟ - سيدي ووالدي، ما اعتدت أن أخالف لك أمرا إلا هذا فقط.
فقاطعها وهو يتميز من الغضب قائلا: يكفي. لا تزيدي. أتظنين أني لم أطلع على مكاتبتك لذلك الشقي إلى بلاد الإنكليز، فهذا أمر لا يليق بك، ولم يسبق له نظير عندنا.
فقاطعته قائلة: يا أبتي ... خيانة ... وخداع. لا تظلم هذه الابنة. الموت أقرب إلي من القبول بهذا الأمر، قال: لا يعنيني كيف كان هذا الأمر، بل يهمني أني وعدت هذا الرجل بقرانك. أفهمت؟
فأوشكت فدوى أن تفقد صوابها من التأثر والبكاء فقالت بصوت ضعيف ونغمة حزينة: الموت ... الموت ... أحب إلي ولا ...
فانتهرها قائلا: أهذه نتيجة التربية يا فدوى؛ أن تعقي والديك؟
अज्ञात पृष्ठ