قالت: ليس في الأمر ما يوجب التستر، ولا يمكنني الإفصاح بالإجابة أكثر من أن عزيزا ليس من أمثالك.
قال شفيق: وهل عرفته قبل الآن؟ قالت: لم أشاهده إلا لمحة ساعة الغروب في حال الاضطراب، والآن في الملهى ساعة خرج ولم يعد، وأنت - لحسن طويتك - لا تزال في انتظاره؛ فنعم الشهامة شهامتك، ولكن ليس مع من ... وأمسكها الحياء، ثم قالت: إذا شئت تحقق الخبر فاسأل بخيتا. والآن استأذنك بالذهاب؛ لأن والدي لا يزال في انتظاري، وإنما لا بد لي من موعد أراك فيه.
فبهت شفيق وقد تذكر ما مر عليه هذه الليلة من الأهوال، وخاف أن تلحظ منه ما خامره من الارتباك، فقال: إني رهين إشارتك بما تأمرين، ونظرا لفوات الوقت الآن، يلزم ألا تتأخري أكثر من ذلك. ثم أمرت السائق فساق العربة إلى الملعب.
الفصل التاسع
دليلة الدلالة
أما شفيق فبقي واقفا مكانه وقد فقد حواسه بذهاب فدوى حتى زاحمه المارة فانتبه إلى نفسه، وتوجه توا إلى الملعب فشاهد بخيتا ينتظره خارجا، فلما اقترب منه أخذه جانبا وشرع يستطلع منه ما أشارت إليه فدوى مما لم تقدر أن تفوه به هي، فقال بخيت: إني لا أستحيي أن أقول لك يا سيدي أن عزيزا لا يستحق أن يكون صديقا لك.
قال شفيق: لماذا؟ - لأنه رجل ذميم. - وكيف ذلك؟ - لأنه غادرك على مثل الجمر وسار إلى من هي على شاكلته.
فقاطعه شفيق: ماذا تقول؟
أقول الواقع يا سيدي، وكيفية الأمر أني كنت في الخلوة مع سيدتي نراقب حركاتكما؛ لأنها أعجبت بك وبشريف مباديك، فلاحت مني التفاتة إلى بعض الخلوات، فإذا بواحدة قد أومأت إليه من وراء الحجاب. ولما خرج هو من عندك خرجت هي من خلوتها، ولا أعلم إلى أين، وإنما أؤكد لك أنهما لم يخرجا من الملعب، فإذا بقيت هنا إلى انقضاء التمثيل لا بد من أن تراه خارجا.
فقال شفيق وقد اشتد به الغضب: يا للغرابة! كيف يمكن أن يكون ذلك؟
अज्ञात पृष्ठ