فقال: لا تقل هذا يا أبتاه؛ فإنك بذلك تزيد أشجاني، وتهيج أحزاني، وتسود قلبي.
قال: وماذا؟ ألا تزالين راجية قيامة الأموات على هذه الأرض؟
قالت: إن آمالي لا تزال حية، وإن تكن الحياة فيها ضعيفة.
فنهض عن الكرسي بغتة وصرخ بأعلى صوته قائلا: يا للعجب لهذه الآمال الكاذبة! ألا تصدقين أنه مات حتى تريه رأي العين؟
فأجابته وقد اغرورقت عيناها بالدموع قائلة: لا تقل مات يا أبتاه، بل قل إنه حي يرزق، بإذن الله.
فقال: هل إذا قلت ذلك يقوم من بين الأموات؟
فقالت: قد قلت لك إن آمالي لا تزال حية، والله على كل شيء قدير، وهب أنه لا سمح الله غير حي، فماذا تريد مني؟
قال: أريد أن تطيعي أوامري.
قالت: إني رهينة كل أوامرك ما خلا ...
قال: لا تقولي ما خلا ... ويظهر أنك لا تزالين على غيك وعقوقك، وليست هذه شيم من تربى تربيتك. فسكتت ولم تجبه، واشتغلت بمسح دموعها بمنديلها، فابتدرها هو بالكلام قائلا: وما رأيك الآن؟ ألا تزالين على ما أنت عليه؟
अज्ञात पृष्ठ