قال بخيت: ولكنك تقول إنه لم يسر برفقة الحملة، فمن الممكن أن يكون حيا بعد؟
قال عبود: آه! لو أعلم أنه حي فأذهب للتفتيش عنه؛ لأني لا أنسى فضله ولطفه؛ فقد كان يحبني ويعدني بمستقبل حسن عنده.
ولم يزد بخيت على هذا الحديث فنهض وودع عبودا، وفي يده قطع من النقود جعلها في يده قائلا: إن الباشا مسرور منك، وقد أوصاني أن أكرمك، فتناول عبود الدراهم وقبلها قائلا: ليحي رأس الباشا، وليطل الله عمره.
ثم خرج بخيت وهو في بحار من الهواجس، وود لو استطاع أن يسير توا إلى سيدته يطلعها على ما سمعه، ولكنه سمع الساعة تدق عشر دقات، فعلم أنها تكون في الفراش على أنها إن لم تكن فيه فلا بد من أن يكون والدها عندها، فلا يستطيع إطلاعها على شيء، فسار إلى حجرته على أن يغتنم فرصة في اليوم التالي ويقص عليها القصة.
الفصل السابع والستون
زيارة المنارة
أما فدوى فباتت تلك الليلة وهي تفكر بالدبوس وأمره، وأمر رسم شفيق وضياعه، ورقدت تنتظر ما يجيئها به بخيت من النبأ الجديد.
أما الباشا فلم يكن همه إلا التبكير إلى زيارة المنارة ترويحا لنفس فدوى بالمناظر الجديدة، والمحادثة مع زوجة الدكتور.
فلما أصبح الصباح تناولوا الطعام، ولم يفارق الباشا الحجرة حتى كانت الساعة العاشرة، فبعث خادمه يأتيه بعربة، فلما جاءت كانت فدوى قد لبست ثيابا استعدادا للمسير، جاعلة اليشمك اللطيف على رأسها وقد ضفرت شعرها ضفيرة واحدة محلولة من طرفها وأرختها على ظهرها، وكانت هيئتها في غاية الجمال والوقار على ما فيها من النحول.
فركب الباشا وابنته في العربة، وركب بخيت بجانب السائق، وساروا قاصدين رأس بيروت، فسألوا السائق إذا كان يعرف منزل الدكتور «ن» فقال: وهل في هذه المدينة من لا يعرفه، فإنه والد للفقراء وذوي الأسقام؟
अज्ञात पृष्ठ