التقديم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فكتاب إعراب القرآن لابن هشام الأنصاري جدير بالنشر لسببين:
أولهما: علو مكانة مؤلفه ومقدرته الفائقة في صناعة النحو.
وثانيهما: أن الكتاب وإن صغر حجمه، قد عظم قدره، فالمؤلف قد تناول فيه ستا وأربعين مسألة وأجوبتها، منها اثنتان في الحديث الشريف والباقي في آيات من القرآن الكريم، ثم ختم الكتاب ببحث في الأثر الوارد (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) .
وهذه المسائل قال المؤلف: سئلت عنها بالحجاز عام سبعة وأربعين وسبعمائة - أي كانت قبل انتهائه من كتاب مغني اللبيب - بعامين. إذ يقول في مقدمة كتابه المغني: وقد كنت في عام تسعة وأربعين وسبعمائة، أنشأت بمكة المكرمة - زادها الله شرفا - كتابا في
1 / 5
ذلك منورا من أرجاء قواعده كل حالك، ثم إنني أصبت به وبغيره في منصرفي إلى مصر.
ولهذا أقول: ربما كانت هذه المسائل هي التي دفعته إلى تأليف كتاب المغني الذي اشتمل على معظم الآيات القرآنية المشكلة في الإعراب. ولذلك لما قيل له: هلا فسرت القرآن أو أعربته؟ قال: أغناني المغني. وبمراجعتي لكتاب المغني وجدت فيه ثلاثين آية من الأربع والأربعين المذكورة في الكتاب المحقق. ووجدت منهجه في الكتابين واحدا مما يؤيد أن الكتاب المحقق لابن هشام الأنصاري صاحب كتاب المغني، وقد فصل ابن هشام في كتابه المغني وأجمل هنا في بعض المسائل، وأجمل وفصل هنا في بعضها.
ونترجم لمؤلف الكتاب في إيجاز، فنقول: ولد ابن هشام الأنصاري في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة١ وتسع وثلاثمائة وألف للميلاد في القاهرة٢.
وهو عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، جمال الدين، أبو محمد٣ وكان أولا حنفيا ثم استقر حنبليا٤
لزم الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحل، وتلا على ابن السراج وسمع من أبي حيان ديوان زهير بن أبي سلمى ولم يلازمه وقرأ عليه، وحضر دروس الشيخ تاج الدين التبريزي، وقرأ على الشيخ تاج الدين الفاكهاني جميع شرح الإشارة له إلا الورقة الأخيرة، وتفقه
_________
١ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥
٢ الأعلام جـ ٥ ص ٢٩١، ودائرة المعارف الإسلامية جـ ١ ص ٢٩٥
٣ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥.
٤ النجوم الزاهرة جـ ١٠ ص ٣٣٦.
1 / 6
للشافعي١ ثم تحنبل فحفظ مختصر الخرقي في دون أربعة أشهر، وذلك قبل موته بخمس سنين وأتقن العربية ففاق الأقران بل الشيوخ، وحدث عن ابن جماعة بالشاطبية٢.
ثم تخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم. اشتهر في حياته وأقبل الناس عليه، وكان كثير المخالفة لأبي حيان، شديد الانحراف عنه ﵀ وتصدر الشيخ جمال الدين لنفع الطالبين وانفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المفرط، والاقتدار على التصرف في الكلام، والملكة التي كان يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يزيد مسهبا أو موجزا، مع التواضع والشفقة ودماثة الخلق ورقة القلب.٣
توفي ليلة الجمعة خامس ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة٤ ١٨سبتمبر ١٣٦ م٥. ودفن بعد صلاة الجمعة بمقابر الصوفية خارج باب النصر من القاهرة. . . ومات عن بضع وخمسين سنة٦.
ويقول عنه ابن خلدون: «إن ابن هشام على علم جم يشهد بعلو قدره في صناعة النحو، وكان ينحو في طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جني واتبعوا مصطلح تعليمه فأتى من ذلك بشيء عجيب، دال على قوة ملكته واطلاعه» ٧.
_________
١ لعله تفقه للشافعي من باب العلم ولكنه لم يعتنق مذهبه.
٢ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥.
٣ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥،٤١٦.
٤ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٧.
٥ الأعلام جـ ٥ ص ٢٩١ ودائرة المعارف الإسلامية جـ ١ ص ٢٩٥.
٦ النجوم الزاهرة جـ ١٠ ص ٣٣٦.
٧ دائرة المعارف الإسلامية جـ ١ ص ٢٩٦.
1 / 7
وقال أيضا: «مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية، يقال له: ابن هشام أنحى من سيبويه» ١.
ونسجل بعض أشعار هذا العالم الجليل التي تدل على علو همته، ومبدأه في تحصيل العلم هو الصبر حتى يظفر بالنصر، إذ يقول:
ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
ومن لم يذل النفس في طلب العلا يسيرا يعش دهرا طويلا أخاذل٢
[الطويل] وله: [من الرجز]
سوء الحساب أن يؤاخذ الفتى ... بكل شيء في الحياة قد أتى٣
وقد ورد البيت الأخير ضمن الأشعار التي استشهد بها ابن هشام في كتابه إعراب القرآن.
واهتم الذين ترجموا لابن هشام بحصر مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة، منهم العسقلاني٤، وطاش كبرى زادة٥ واعتنت دائرة المعارف الإسلامية٦ بالإتيان ببيان مفصل عنها في أنحاء العالم وهو يفيد بإذن الله تعالى الذين يقومون بدراسة هذا العالم الجليل أو يحققون آثاره القيمة.
ومخطوط إعراب القرآن لابن هشام الأنصاري يشتمل على اثنتي عشرة ورقة، ومقاس الصفحة ١٧×٢سم، وعدد أسطرها تسعة عشر سطرا، وأصل المخطوط في الجامعة العثمانية بحيدرأباد بالهند تحت رقم ١٥٤٣٢/٢٩٧ علوم قرآن، وتاريخ نسخ المخطوط هو سنة ١٧٥؟.
_________
١ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٦.
٢ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٧.
٣ شذرات الذهب جـ ٦ ص ١٩٢.
٤ الدرر الكامنة جـ ٢ ص ٤١٥، ٤١٧.
٥ مفتاح السعادة ومصباح السيادة جـ ١ ص ١٩٨، ٢٠٠.
٦ دائرة المعارف الإسلامية جـ ١ ص ٢٩٥، ٢٩٧.
1 / 8
وقد قمت بتحقيقه وأيضا الرسالة الواردة في آخره في شرح «نعم العبد صهيب ... إلخ» عن صورة المخطوط الموجودة بالمكتبة المركزية للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
والمخطوط مكتوب بخط نسخي واضح غير مشكول، وهو خال من الشروح والتعليقات عدا الورقة الأولى منه، وهي عديمة الفائدة لأنها شروح بدائية لأشياء واضحة، كأن يقول في السؤال: علام انتصب الحقان في قوله تعالى: ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ﴾ ١ الحقان أي لفظي الحق، وهو واضح من نص الآية الكريمة. لذا رأيت إسقاطها فلم أثبتها في المتن أو الهوامش. وأكتفي بنشر صورتها في صدر هذا الكتاب، وكذلك الصورة الأخيرة من المخطوط.
وفي الورقتين الحادية عشرة والثالثة عشرة من أعلى جهة اليمين خاتم مستطيل الشكل مزخرف وهو واحد فيهما، مكتوب عليه عبارة (كتب خانه) ثم اسم المكتبة غير واضح من تحتها، ولعله خاتم مكتبة الجامعة العثمانية الموجود فيها الأصل.
وألفينا في المخطوط بعض الكلمات أو العبارات مطموسة أو ممحوة ولكنها قليلة، مما يسر التوصل إلى معرفتها من سياق الكلام ويخلو المخطوط من الإجازات والسماعات والتمليكات بالرغم من قدم خطه والظاهر أنه لم يكن معروفا لدى الناس فقد أغفلته الكتب التي تفهرس للمخطوطات مثل تاريخ آداب اللغة العربية لبروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين وغيرهما.
وطريقة ابن هشام باختصار في هذا الكتاب أنه يعرب الآيات ويستشهد بآيات أخرى تماثلها أو تختلف عنها في الإعراب، ويذكر أحيانا بعض القراءات، وهو يستشهد بالحديث الشريف، ويسرد الشواهد النحوية في الشعر والنثر على السواء.
_________
١ سورة ص من الآية ٨٤.
1 / 9
ويمتاز ابن هشام بطول النفس في استخراج أوجه الإعراب المختلفة، ففي كتابه هذا رغم صغر حجمه رياضة عقلية من عالم ضليع في ميداني النحو والصرف.
وقد أكملت الآيات التي استشهد ببعضها في هوامش الكتاب، حتى تكمل الفائدة لأن ابن هشام عادة يربط الإعراب كعادته في كتابه مغني اللبيب بباقي الآيات التي يعتقد أن القاري على علم بها، ولما كان الحفظة لكتاب الله الكريم أقل في وقتنا الحاضر، وجدت أن استكمال الآيات يؤتي ثمرته المرجوة
وأما بالنسبة للأحاديث النبوية فقد ذكرت رواتها، وأما بالنسبة لأشطار الأبيات التي استشهد بها، فقد عزوتها إلى قائليها، وأكملت أشطارها، وبينت مواطنها في الدواوين وكتب المختارات، وشرحت الكلمات الصعبة والمعاني المستغلقة الواردة فيها، وبينت مواطن الشواهد فيها وكذلك فعلت بأبيات الشعر الكاملة.
وعرفت الأعلام الوارد ذكرهم في المخطوط باختصار، وحرصت على ذكر مصادر عديدة عنهم ليستفيد بها طلبة العلم، وقد وضعت بحور الأبيات بين أقواس معقوفة.
وذيلت الكتاب بفهارس تفصيلية للآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وكذا الأعلام والقبائل، والطبقات، والأشعار، والبلدان.
وإني أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الناس.
محمد نغش
1 / 10
أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن
[٢أ] بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
قال الشيخ الإمام العلامة جمال الدين بن هشام الأنصاري الحنبلي ﵀ أما بعد، حمدا لله على أفضاله حمدا كثيرا طيبا كما يليق بجلاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله ٠
فإني ذاكر في هذه الأوراق مسائل سئلت عنها في بعض الأسفار، وأجوبة أجبت بها على سبيل الاختصار، ومسائل ظهرت لي في تلك السفرة يعم إن شاء١ الله تعالى نفعها، ويعظم عند اللبيب وقعها، وبالله تعالى أعتصم وأسأله العصمة مما يصم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ٠
مسألة: علام انتصب عُرْفا في قوله تعالى: ﴿وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ٢؟
الجواب: إن كانت المرسلات الملائكة، والعرف المعروف. فعرفا إما مفعول لأجله، وإما منصوب على نزع الخافض وهو الياء، والتقدير أقسم بالملائكة المرسلة للمعروف أو بالمعروف. وإن كانت المرسلات الأرواح أو الملائكة، وعرفا بمعنى متتابعة فانتصابها على الحال، والتقدير أقسم بالأرواح أو الملائكة المرسلة عرفا.
_________
١ في الأصل: إنشاء.
٢ سورة المرسلات الآية ١.
1 / 3
مسألة: علام انتصب الحقان في قوله تعالى: ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ﴾ ١؟
الجواب: الحق الأول: منصوب بنزع الخافض. والحق الثاني: منصوب بالفعل الذي بعده ولأملأن جواب القسم، والجملة بينهما معترضة لتقوية معنى الكلام. والتقدير أقسم بالحق لأملأن جهنم وأقول الحق.
مسألة: ما إعراب أحوى في قوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ ٢؟
الجواب: إن فسر بالأخضر كان حالا من المرعى، أو بالأسود كان صفة للغثاء.
مسألة: علام انتصب عينا من قوله تعالى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ ٣؟
الجواب: إما على البدل من كافورا، أو من كأس على الموضع، أو بتقدير فعل أي يشربون [٢ب] عينا. وعلى الأول فلا بد من تقدير مضاف أي ماء عين، فهي كقول حسان٤:
_________
١ سورة ﴿ص﴾ من الآية (٨٤) وتمامها ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ﴾
٢ سورة الأعلى الآية (٥)، والآية التي قبلها ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ ذكرتها لتعلقها بالإعراب.
٣ سورة الإنسان من الآية (٦) وتمامها ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ والآية التي قبلها ﴿إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ ذكرتها لتعلقها بالإعراب.
٤ حسان بن ثابت بن منذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد، الصحابي، شاعر النبي ﷺ، وأحد المخضرمين الذين أدركو الجاهلية والإسلام. توفي سنة ٥٤ هـ =٦٧٤ م (تهذيب التهذيب جـ ٢ ص ٢٤٧ والإصابة جـ ١ ص ٣٢٦ وابن عساكر جـ ٤ ص١٢٥ ومعاهد التنصيص جـ ١ ص ٢٠٩ وخزانة البغدادي جـ ١ ص ١١ والأغاني جـ ٤ ص ١٣٤ وابن سلام ص ٥٢ والشعراء ص ١٠٤ وحسن الصحابة ص ١٧)
1 / 4
يسقون١ من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل٢
[الكامل]
أي ماء بردى. وجوز بعضهم وجها رابعا، وهو أن يكون حالا من الضمير المضاف إليه المزاج وفيه بعد.
مسألة: أين مفعول رأيت من قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا﴾ ٣؟
الجواب: قال المحققون: لا مفعول لها. وقال قوم: لها مفعول. واختلف هؤلاء، فقيل: موصول حذف وبقيت صلته، والتقدير: إذا رأيت ما ثم قيل: ومثله ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ ٤ أي ما بينكم. ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ ٥ أي ما بيني. وقيل: مذكور وهو نفس. ثم يرد الأول أن الموصول وصلته كالكلمة الواحدة، فلا يحسن حذف أحدهماوبقاء الآخر. والثاني: أن ثم لم تستعمل في العربية إلا ظرفا، كقوله تعالى: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾ ٦ أو يجرون بمن أو بإلى.
_________
١ في الأصل: فيقولن، والوزن يقتضي ما أثبتناه.
٢ أراد ماء بردى. وبردى نهردمشق. والرحيق: الخمر. والسلسل: السهلة السلسلة. يصفق: يمزج. أما البريص بالصاد المهملة فقد اختلفوا فيه، فقال أكثرهم: إنه نهر دمشق، ورأى البعض أنه غوطة دمشق. (ديوان حسان بن ثابت تحقيق د. وليد عرفات جـ ٢ ص ٧٤ ط. بيروت)
٣ سورة الإنسان من الآية (٩٤) وتمامها ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ .
٤ سورة الأنعام من الآية (٩٤) وتمامها ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ .
٥ من سورة الكهف من الآية ٧٨ وتمامها ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ .
٦ سورة الشعراء الآية ٦٤.
1 / 5
مسألة: علام انتصب خيرا من قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ ١؟
الجواب: إما على المفعولية، وعاملها إما محذوف: أي وأتوا خيرا، وهو محكي عن سيبويه٢ وأنما أحفظه عنه٣ في ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾ ٤ أو مذكور: وهو وأنفقوا على أن يكون المراد بالخير المال. كقوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ ٥ وقد يبعده قوله: لكم.
وإما على أنه خبر لكان محذوفة أي يكن الإنفاق خيرا. قال الكسائي٦ والفراء٧ [هو نعت لمصدر محذوف تقديره:
_________
١ سورة التغابن من الآية ١٦ وتمامها ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وليست في سيبويه كما ذكر ابن هشام.
٢ سيبويه: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر: إمام النحاة. صنف (الكتاب) في النحو. وناظر الكسائي، وأجازه الرشيد بعشرة الآف درهم، توفي سنة ١٨٠ هـ = ٧٩٦ م. (ابن خلكان جـ ١ ص ٣٨٥ والشريشي جـ ٢ ص ١٧والبداية والنهاية جـ ١٠ ص ١٦٧ والسيرافي ص ٤٨ وتاريخ بغداد جـ ١٢ ص ١٩٥ وطبقات النحويين ص ٦٦: ٧٤)
٣ عنه: لعلها زائدة في المخطوط، حيث إن الرأي المذكور ورد منسوبا لسيبويه في مشكل إعراب القرآن جـ ٢ ص ٣٨٣.
٤ سورة النساء من الآية ١٧١ وتمامها ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ .
٥ سورة البقرة من الآية: ١٨٠ وتمامها ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ .
٦ الكسائي: علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء، الكوفي، أبو الحسن: إمام في اللغة والنحو والقراءة. سكن بغداد، وتوفي بالري، وهو مؤدب الرشيد العباسي، وابنه الأمين. وله عدة مصنفات. توفي سنة ١٨٩هـ = ٨٠٥ م (غاية النهاية جـ ١ ص ٥٣٥ وابن خلكان جـ ١ ص ٣٣٠ وتاريخ بغداد جـ ١١ ص ٤٠٣ ونزهة الألبا ص ٨١: ٩٤ وطبقات النحويين ص ١٣٨ وإنباه الرواة جـ ٢ ص ٢٥٦) .
٧ الفراء: يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد أو (بني منقر) أبو زكريا، المعروف بالفراء إمام الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. كان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو ومن كلام ثعلب: لولا الفراء ما كانت اللغة. (إرشاد الأريب جـ ٧ ص ٢٧٦ ووفيات الأعيان جـ ٢ص ٢٢٨ وابن النديم ط. فلوجل ص ٦٦: ٦٧ ومفتاح السعادة جـ ١ ص ١٤٤ وغاية النهاية جـ ٢ ص ٢٧١ ونزهة الألبا ص ١٢٦ ومراتب النحويين ص ٨٦: ٨٩ وتهذيب التهذيب جـ ١١ ص ٢١٢ وتاريخ بغداد جـ ١٤ ص ١٤٩: ١٥٥) .
1 / 6
وأنفقوا إنفاقا خيرا] ١. أو على الحال من ضمير مصدر الفعل. أي أنفقوا الإنفاق. قال بعضهم: فهي خمسة أقوال وهي مشهورة في كتب الأعاريب، ونسبتها إلى من ذكر من كتاب مكي٢ والذي أحفظه أن الذي يقدر كان الكسائي، فلعل له قولين، ويتأتى منها في إعراب قوله تعالى: ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُم﴾ ٣ ثلاثة أقوال فقط، وهي ما عدا القول بأنه مفعول لفعل مذكور أو ما عدا الحال، فإنه الأول لا سبيل إليه [٣ أ] والثاني ضعيف بعيد من حيث المعنى.
مسألة: علام انتصب ﴿وَهُدىً وَمَوْعِظَةً﴾ ٤ في سورة المائدة؟
الجواب: على العطف على محل فيه هدى ونور، فإنه في محل النصب على الحال من الإنجيل. ونظيره ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ ٥ ولا يحسن عطفه على مصدقا لأنه يصير حالا من عيسى لا من الإنجيل فيلزم التكرار فإن قيل: يؤنس
_________
١ ما بين قوسين من مشكل إعراب القرآن جـ ٢ ص ٣٨٣.
٢ مكي بن أبي طالب بن حموش من أئمة المغاربة في القرن الرابع مالكي روى الفقه عن ابن أبي زيد صاحب الرسالة، ولمكي كتاب مشكل إعراب القرآن.
٣ سورة النساء من الآية ١٧١.
٤ سورة المائدة من الآية ٤٦ وتمامها ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ .
٥ سورة آل عمران من الآية ٤٦ وتمامها ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾
1 / 7
لقصد تكرر ذكر الهدى. فالجواب: إن أعيد لتعلق الجار والمجرور لتبيين من هو له.
مسألة: أين الفاعل في قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني١ ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ ٢ ينتصب اسم الله ﷿؟
الجواب: يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون اسم الله تعالى [فاعلا] ولكنه نصب لفهم المعنى، فإنه من كلامهم أن الفاعل ربما نصب إذا أمن الإلباس كقولهم: كسر الزجاج الحجر، وخرق الثوب المسمار. رويا برفع الزجاج والثوب ونصب الحجر والمسمار وقال الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما٣.
رُوي بنصب الحيات، وعلى هذا فيتحد مع قراءة السبعة. والمعنى عليهما بحفظ الله لهن، والمفعول محذوف كما في قوله تعالى: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ ٤.
_________
١ أحد القراء «العشرة» من التابعين. كان إمام أهل المدينة في القراءة، وكان من المفتين، توفي سنة ١٣٢هـ = ٧٥٠ م بالمدينة المنورة. (وفيات الأعيان ٥/٢٧٨ وغاية النهاية ٢/٣٨٢ وتاريخ الإسلام للذهبي ٥/١٨٨) .
٢ سورة النساء من الآية ٣٤ وتمامها ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ .
٣ هذا الشطر من أرجوزة لأبي حيان الفقعسي وفي سيبويه قيل أن القائل هو عبد بني عبس، وقيل: هي لغيره وعجز البيت:
ألأفعوان والشجاع الشجما
والشاهد: نصب الفاعل والمفعول في رواية من نصب الحيات، وقيل القدما تثنية حذفت نونه للضروة. (شرح شواهد المغني للسيوطي ق ٢ س ٩٧٣، وخزانة الأدب للبغدادي جـ ٤ ٨٧٠، وحاشية الشيخ محمد الأمير علي مغني اللبيب لابن هشام جـ ٢ ص ٢٠٢، وكتاب سيبويه جـ ١ ص ١٤٥ والأشموني جـ ٣ ص ٥٢) .
٤ سورة الأحزاب من الآية ٣٥ وتمامها ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ .
1 / 8
الثاني: أن يكون ضميرا مستترا في حفظ، وفي مرجعه وجهان:
أحدهما: النسوة المذكورات وذلك باعتبار المعنى دون اللفظ، أي بما حفظ هو أي بما حفظ من ذكر كما جاء خبر النساء: «صوالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره، أدعاه على زوج في ذات يده» أي أحنى من ذكر وأدعى من ذكر.
والثاني: ما على أن تقدر موصولة واقعة على دينهن. أي حافظات للغيب بالذي حفظ الله من دينهن وقد يقدح في الوجه الأول بأن ما اعتمد في إثباته ليس بحجة.
أما البيت فلأن سالم فاعل يقتضي اسمين كل منهما فاعل ومفعول من حيث المعنى، فكذلك صح أن ينصب فاعله لما فيه [٣ب] من الفاعلية المعنوية، ولا كذلك هنا.
وأما المثالان فلأنهم نصبوا فيهما الفاعل ورفعوا المفعول، ولا يلزم من جواز ذلك نصب الفاعل إذا انفرد عن المفعول لأن نصبه حينئذ يؤدي إلى خلو الكلام من مرفوع البتة، ولنا أن نقدر في هذا [ما] ينصب
1 / 9
الفاعل والمفعول معا في البيت، فقد خلا الكلام من المرفوع - والله أعلم.
مسألة: علام انتصب ﴿عَالِيَهُمْ﴾ ١؟
الجواب: على الحال من جزاهم، وعن ثعلبة أن نصبه على الظرف بمنزلة فوقهم، وهو مردود لأن عالي الدار وداخلها أو خارجها ونحو ذلك من الأماكن المختصة، فلا يجوز نصبها على الظرفية، وارتفاع الثياب على الأول بعاليهم، وعلى الثاني به أو بالابتداء، وعاليهم الخبر.
مسألة: لم أجمعوا على النصب في ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاّ قَلِيلًا﴾ ٢ واختلفوا في ﴿مَا فَعَلُوهُ إلاّ قَلِيلٌ﴾ ٣؟
الجواب: لأن قليلا الأول استثناء من موجب، والثاني استثناء من منفي.
فقيل: لِمَ أجمعوا على النصب في ﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إلاّ قَلِيلًا﴾ ٤ مع أنه استثناء من غير موجب.
_________
١ سورة الإنسان من الآية ٢١ وتمامها ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ ونذكر هنا الآية ١٢ من سورة الإنسان لتعلقها في الإعراب بالآية المذكورة وهي ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ .
٢ سورة البقرة من الآية ٢٤٩ وتمامها ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ .
٣ سورة النساء من الآية ٦٦ وتمامها ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ .
٤ سورة النساء من الآية ١٥٥ وتمامها ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلًا﴾ .
1 / 10
فقلت: لأن هذا استثناء مفرغ، وهو نعت لمصدر محذوف، فالتقدير: فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا.
فقيل: ما معنى وصفه الإيمان بالقلة؟ فقلت: لأنه باللسان دون القلب.
مسألة: بم تعلق الظرف في قوله تعالى: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ ١؟
الجواب: بمحذوف على أنه حال من المفعول، أي اهجروهن كائنات في المضاجع، أي لا تهجروهن في البيوت، وإنما لم أعقله بفعل الهجر لأني لم أذق أن يقال: هجره في منزله. فقيل لي: زعم بعض المعربين أن التعلق به على تقدير في للسببية، وأن المعنى اهجروهن بسبب المضاجع، أي بسبب تخلفهن عن مضاجعكم. فقلت: لا يخفى ما فيه من تكلف الحذف وتقدير في للسببية.
مسألة: [٤ أ] ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ ٢ لم جاء الفعل الأول والأخير بغير نون والثاني بنون؟
_________
١ سورة النساء من الآية ٣٤ وتمامها ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ .
٢ سورة البقرة من الآية ٢٧٢ وتمامها ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ .
1 / 11
الجواب: لأن ما الأولى والثالثة شرطيتان فجزمتا الفعل، والثانية نافية فالفعل بعدها مرفوع يدل على ذلك مجيء الفعل الأول١، وجزم الفعل بعد الثالثة، ومجيء الإيجاب بإلا بعد الثانية.
فقيل: فما الواوان٢ في الجملة الثانية والجملة الثالثة؟
فقلت: أما التي في الثالثة فعاطفة. وأما التي في الثانية فيحتمل ذلك، ويحتمل أن تكون واو الحال ليكون ذلك مفيدًا لثبوت اتفاق الخير لأنفسهم، فيكون المعنى وما تنفقوا من خير فلأنفسكم في حالة كونه لا يراد به إلا وجه الله، نظيره قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ ٣ وقوله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّه﴾ ٤ وقول النبي ﷺ: "واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" ٥.
مسألة: قال الزمخشري٦ في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ ٧ ما معناه أن التقدير
_________
١ هكذا بالأصل والصواب مجيء الفاء في الأولى - كما في المغني.
٢ في الأصل المرادان والصواب فما الواوان - بدليل ما بعده.
٣ سورة الروم من الآية ٣٩ وتمامها ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ .
٤ سورة الروم من الآية ٣٨ وتمامها ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ .
٥ رواه الشيخان.
٦ الزمخشري: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، كان شديد الإنكار على المتصوفة (توفي سنة ٥٨٣ هـ = ١١٤٤م) وفيات الأعيان جـ ٢ ص ٨١ وإرشاد الأريب جـ ٧ ص ٤٧ ولسان الميزان جـ ٦ ص ٤ ونزهة الألبا ص ٤٦٩ والجواهر المضية جـ ٢ ص ١٦٠ وآداب اللغة جـ ٣ ص ٤٦) .
٧ سورة الأحقاف من الآية ٢٨ وتمامها ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ .
1 / 12
اتخذوهم في حالة كونهم قربانا آلهة. فالمفعول الأول محذوف، وهو صاحب الحال وآلهة مفعول ثان، ومنع كون قربانا مفعولا ثانيا، وآلهة حال، فما وجه ذلك؟
الجواب: وجهه لو قدر كذلك صار المعنى الذم على ترك اتخاذ الله تعالى غير متقرب، لأنك إذا قلت: أنتخذ فلانا سيدا لودني١ فقد لمته على نسبة السيادة لغيرك، والله ﷾ يتقرب إليه ولا يتقرب به.
فقيل: فهل يجوز أن يكون قربانا مفعولا لأجله؟
فقلت: لا يكون المفعول لأجله إلا مصدرا أو اسم مصدر. والقربان اسم لما يتقرب به [٤ ب] وليس اسما للحدث، وعلى هذا فيكون قربانا في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ ٢ منصوبا نصب المفعول به، لا نصب المصدر.
مسألة: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾ ٣ علام [انتصب] كلًاّ وما إعراب هؤلاء؟
الجواب: انتصب كلا على المفعولية لنمد، وهؤلاء وهؤلاء بدلان من (كلا) بدل تفصيل. والمراد أن المؤمنين والكافرين كلهم يرزقون، لا نمنع الرزق على أحد منهم.
_________
١ هكذا بالأصل والصواب دوني كما في المغني.
٢ سورة المائدة من الآية ٢٧ وتمامها ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ .
٣ سورة الإسراء من الآية ٢٠ وتمامها ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ .
1 / 13
مسألة: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ ١ علام انتصب تحية؟
الجواب: على أنه مفعول مطلق عامله سلموا، لأنه من معناه، ونظيره قول الحماسي٢
عليك سلام الله قيس بن عاصم٣ ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من غادرته عرض الردى إذا زار عن شحط ديارك سلما
[طويل]
ومن قدر في قعدت جلوسا عاملا محذوفا من لفظ المصدر ومعناه وهو سيبويه قدر هنا مثله.
مسألة: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ ٤. من قراء بتنوين الجزاء
_________
١ سورة النور من الآية ٦١ وتمامها ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ .
٢ أي في ديوان الحماسة لأبي تمام والبيت لعبدة بن الطيب يرثي قيس بن عاصم.
٣ قيس بن عاصم: بن سنان المنقري السعدي التميمي، أبو علي: أحد أمراء العرب وعقلائهم والموصوفين بالحلم والشجاعة فيهم. كان شاعرا. اشتهر وساد في الجاهلية. وهو ممن حرم على نفسه الخمر فيها. ووفد على النبي ﷺ في وفد تميم سنة ٩هـ فأسلم. توفي في البصرة سنة ٢٠هـ =٦٤٠م (الإصابة ت ٧١٩٦ وإمتاع الأسماع ١/٤٣٤ والنقائض ط ليدن ١٠٢٣ ورغبة الآمل ٣/١٠ ثم ٤/٩٩و ٢٣٤ ثم ٥/١٤٤ و١٤٨ والمرزباني ص ٣٢٤ وحسن الصحابة ص ٣٢٩ ومجمع الزوائد ٩/٤٠٤ ومجالس ثعلب ص ٣٦) .
٤ سورة المائدة من الآية ٩٥ وتمامها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ .
1 / 14
ورفع المثل فقراءته ظاهرة. لأن الجزاء الواجب موصوف بكونه مماثلا لما قتل من النعم. وأما من أضاف الجزاء للمثل فقراءته مشكلة. لأن الواجب جزاء نفس المقتول، لا جزاء مثل المقتول.
الجواب: إن هذا الإشكال يرتفع بأن لا يقدر مثل بمعنى مماثل، كما هي في تلك القراءة، بل يقدر مراد بها ذات الشيء ونفسه بمنزلتها في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ١ وقول الشاعر:
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
أي على ليلى بدليل قوله:
وإن بات من ليلى على اليأس طاويا٢ [الطويل]
وقد جاء ذلك أيضا في المثل، قال الله تعالى: ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَات﴾ ٣ وذلك لأن المثل والمثل بمعنى كما أن الشبه والشبه كذلك.
مسألة: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾ ٤ والنبيون كلهم مسلمون [٥ أ] فما هذا التقييد؟
_________
١ سورة الشورى من الآية ١١وتمامها ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ .
٢ ديوان مجنون لقيس بن الملوح ص ٢٩٢: ٢٩٦ من قصيدة طويلة له مطلعها:
تذكرت ليلى والسنين الخواليا وأيام لا تخشى على اللهو ناهيا
٣ سورة الأنعام من الآية ١٢٢ وتمامها ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ .
٤ سورة المائدة من الآية ٤٤وتمامها ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ .
1 / 15
الجواب: هذه الصفة مدح مثلها في ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ﴾ ١ لا صفة تقييد مثلها في رأيت زيدًا التاجر.
مسألة: ﴿إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ﴾ ٢.
الجواب: حب الخير مفعول به، وأعربوا حب الشحيح من قوله:
أحبه حب الشحيح ماله قد كان ذاق الفقر ثم ناله٣
[الرجز]
مفعولا مطلقا، فما الفرق؟
الجواب: إن المحبوب في الآية نفس حب الخير، والمحبوب في البيت، إنما هو الضمير الراجع إلى الولد، وأما حب الشحيح، فإنما جيء به للتشبيه.
مسألة: ﴿إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ ٤، ﴿وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ٥ علام انتصب هذه الحياة وزهرة الحياة؟
الجواب: أما هذه الحياة فهذه ظرف زمان على معنى في، والحياة صفة أو
_________
١ سورة الحشر من الآية ٢٤ وتمامها ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ .
٢ سورة ص من الآية ٣٢ وتمامها ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ .
٣ في الأصل: الخير. والرجز المذكور نسب لأعرابي رقص به ابنه، وبقيته: (إذا يريد بذله بدا له) . عيون الأخبار لابن قتيبة جـ ٣ ص ٩٩.
٤ سورة طه من الآية ٧٢ وتمامها ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ .
٥سورة طه من الآية ١٣١ وتمامها ﴿وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾
1 / 16