مثل معنى البيت الأول:
علمتَ يا مُجاشعَ بن مَسعدَهْ
أنَّ الشَّبابَ والفَراغَ والجِدَهْ
مفسدَةٌ للمرءِ أيُّ مفسدَهْ
ومن المعنى الأول قول الطِّرِمّاح:
وشيَّبَني أن لا أزالُ مُناهضًا ... بغير ثرًى أنْدى به وأبوعُ
أمُخترمي ريبُ المنون ولم أنَلْ ... من المال ما أعْصي به وأُطيعُ
الشمردل بن حنان اليربوعيّ ونحر ناقة كريمة كانت له لسنة أجدبتْ عليه:
أكلْنا الشَّوى حتَّى إذا لم ندَعْ شوًى ... أشرْنا إلى خيراتها بالأصابعِ
لعمرُك ما سلَّيتَ نفسًا شحيحةً ... عن المال في الدُّنيا بمثل المجاوعِ
ومثله قول عنترة بن الضباب النَّهديّ ونحر أيضًا ناقةً كانت له في سنة مجدبة وقرّبها لمّا أراد نحرها إلى شجرة ليكون المحتطب قريبًا من منحرها:
أدْنيتُها من رأسِ عشّاشةِ الذُّرى ... مُقلِّصة الأفنان صُهبٍ فروعُها
وقلتُ لها لمّا شددْتُ عِقالَها ... وبالكفّ مبراةٌ شديدٌ وقوعُها
لقد عنيتْ نفسٌ عليكِ شحيحةٌ ... ولكن يُسخِّي شحَّةَ النَّفس جوعُها
بعض بني تغلب:
إمامٌ له كفٌّ يضمُّ بنانُها ... عصا الدِّين ممنوع من البَرْي عودُها
وعينٌ محيطٌ بالبريَّة طرْفُها ... سواءٌ عليه قربُها وبعيدُها
وأصْمعُ يقظانٌ يبيتُ مُناجيًا ... له في الحشا مُستودعاتٌ يكيدُها
سميعٌ إذا ناداهُ في قعر كُرْبةٍ ... منادٍ كفَتْهُ دعوةٌ لا يعيدُها
قام بعض الشعراء إلى قُتيبة بن مسلم الباهليّ أول ما وافى خراسان واليًا عليها فأنشده:
شُدَّ العِقابَ على البريء وما جنى ... حتَّى يكونَ لغيره تنكيلا
والجهلُ في بعض الأمور وإنْ علا ... مُستخرجٌ للجاهلين عُقولا
فقال له قتيبة: قبَّحك الله من مُشير، لا أقمتَ معي في بلدة، ونفاه إلى خراسان.
قريبٌ منه لآخر:
لا يصلحُ السلطانَ إلاَّ هيبةٌ ... تغشى البريءَ بفضل ذنب المُجرمِ
مثله لآخر:
إذا أخِذَ البريءُ بغير جُرمٍ ... تجنَّبَ ما يُحاذرهُ السَّقيمُ
آخر يهجو رجلًا من طيّئٍ:
إذا لم ترَ الطَّائيّ يبذلُ جاهَهُ ... وأموالَه دونَ الصَّديق لأعدائهْ
فثِق أنّه فيهم دعيّ وإن يكُنْ ... صحيحًا فلؤمُ الطَّبْع لا لؤم آبائهْ
لم نكتب هذين البيتين مع تخلُّفهما وسخافة لفظهما إلاَّ لأنّ أبا تمّام تناول معناهما فجوَّده بحِذقه وحدّة خاطره فقال: