تأثر الملك أيولوس بوفاتهما، فمنح البحارة ميزة خاصة، فمنع هبوب الرياح قبل أن يبدأ الانقلاب الشتوي بسبعة أيام، وبعد نهايته بسبعة أيام. وبذا جعله موسم الهدوء والسلام، وعندئذ تجلس هالكيوني في عشها الطافي على سطح الماء في هدوء. ويطلق البحارة على هذه المدة «أيام الهدوء»؛ إذ يحرم ملك الرياح على جميع العواصف أن تهب، كي يولد أحفاده في هدوء.
الباب التاسع
في العالم السفلي
مناطق العالم السفلي
تمتد مملكة العالم السفلي التي يحكمها بلوتو في جميع الاتجاهات، وتضم عددا من المناطق المختلفة، فيسمى المدخل أفيرنوس، ويصب فيه خمسة أنهار، أولها نهر ستوكس، الذي تأتي إليه أشباح الموتى، ولونه ومنظره مفزعان. ويقسم به الآلهة، واليمين التي تحلف بستوكس لا يمكن الحنث فيها، فكان الموتى ينتظرون على شاطئه حتى يأتيهم المعداوي خارون، وهو رجل عجوز أشعث اللحية، يرتدي ثوبا وضيعا، فينقلهم إلى الشاطئ الآخر. وكان أجره أوبولا واحدا، وهو قطعة نقود إغريقية كانت توضع في فم كل جثة قبل الدفن. وما إن تصل الأشباح إلى الشاطئ الآخر، حتى تشرع في التجوال المستمر إلى أن تصل إلى نهر ليثي، وهو نهر النسيان. عندئذ تجثو تلك الأشباح على ركابها، وتشرب من ماء ذلك النهر بحفنات أيديها، وعلى الفور تختفي جميع ذكريات حياتها الماضية من عقولها. تجول جماعات الأشباح جيئة وذهابا، كأنها السحب المسرعة في مناطق هاديس الداجية. أما الأنهار الأخرى فهي أخيرون، نهر الويلات، وروافده، ونهر فليجيثون، الذي تجري بين ضفتيه النار بدلا من المياه، ونهر كوكوتوس أو نهر العويل. وتتكون من هذه الأنهار حدود العالم السفلي الواقع «تحت الأماكن السرية للأرض».
ويقف على باب هاديس الحارس المخيف كربيروس، وهو كلب متوحش ذو ثلاثة رءوس، وله ذيل تنين. لا يحاول هذا الكلب إطلاقا أن يتعرض للأشباح الداخلة إلى هاديس، ولكنه يهاجم بوحشية كل من يحاول الخروج. وعندما زار أينياس هاديس، كما يخبرنا الشاعر اللاتيني فرجيل، صنع حبة ملغومة تحتوي على عقار منوم، فرماها إلى كربيروس الذي ما كاد يتناولها حتى سقط على الفور فاقد الوعي. وكان هذا البطل وقليلون آخرون ممن حباهم الآلهة محاباة خاصة، هم وحدهم الذين استطاعوا الإفلات من كربيروس.
أما قصر بلوتو فمظلم قاتم، حيث يجلس بلوتو مرتديا قبعة الظلام، ويمسك في إحدى يديه مفتاح العالم السفلي، وفي اليد الأخرى عصا سحرية. وحول ذلك القصر أحراش من الأشجار القاتمة، وتمتد بقربه مراعي السرواس، وهو زنبق الموتى.
ينقسم هاديس، المسمى أحيانا إريبوس، إلى عدد من المناطق، يسمى الجزء الأكبر منها أخيرون، باسم النهر المعروف، وتسير في هذه المناطق غالبية الموتى بوجوه مكتئبة مهمومة، وعلى مسافة بعيدة إلى الغرب تقع مملكة إلوسيوم، التي تشبه فكرتنا عن الجنة. ويأتي إلى هذه بعض المحظوظين والمحبوبين من الآلهة، ومنهم مشاهير الشعراء وعظماء الأبطال، ويحكمهم كرونوس المنفي بعد أن هزمه جوبيتر. هنا يعيشون ثانية عصرا ذهبيا، وهناك منطقة تختلف عن هذه المنطقة تمام الاختلاف، وهي منطقة تارتاروس المقيتة المخصصة لمن تريد الآلهة عقابهم. فيعيش هناك أمثال هؤلاء الأشخاص في بؤس وعذاب.
أهم شخصيات هاديس
علاوة على بلوتو وبروسربينا وخارون وكربيروس، هناك سكان آخرون في العالم السفلي. وعندما يراد تقديم أرواح الموتى إلى المحاكمة يقوم ملك هاديس وملكته بدور القضاة. ومن شخصيات هاديس الموحية بالفزع: الغوريات. وهن ثلاث مخلوقات يقمن بخدمة بروسربينا، وكن عذارى مجنحات جدلت شعورهن بالأفاعي، ويتساقط الدم من عيونهن، ويقوم هؤلاء بمطاردة من أفلتوا من العقاب عن الجرائم التي ارتكبوها، وينزلن بهم كل صنوف التعذيب، وأطلق الإغريق عليهن اسم «يومينيديس».
अज्ञात पृष्ठ