आर्टिमिस ने चाँद छोड़ दिया
أرتيميس تركت القمر
शैलियों
لم يكن حديث العم نصر مفيدا لي؛ فهو يظنني الفتاة الفقيرة التي بهرها أستاذ الجامعة، ربما يظن أيضا أنني أخفي فضيحة بأحشائي، وأبحث عن كيفية التستر عليها، أعجبني صدقه فيما يقول عما يرى، له فلسفته الخاصة في رؤية الأمور، وله نكهته الخاصة في الحكي، وبينما كنت أتعجب من جلستي، توقفت سيارة عبد الله واختفى سريعا بملابسه المهندمة داخل البناية، شكرت عم نصر وأسرعت خلف عبد الله، لن يتمكن من الإنكار الآن وعليه تقديم أسباب مناسبة لهذا العبث، تقافزت صاعدة السلم، ووصلت بأنفاس متقطعة، دفعت الباب ودخلت بسرعة، لأجد عبد الله مبتسما بملابسه الفنية! بنطاله الترابي اللون، قميصه الكتاني الأبيض مفتوح الصدر، حافيا، تعجب من نظرتي، حاول أن يفهم ما بي، صرخت، اتهمته بالتلاعب، بالكذب، احتضنني، بكيت، صرخت مرات، ومرات، حاولت فتح خزانة ملابسه لأريه ما يخفيه، كانت مغلقة، طلبت منه أن يفتحها، تعلل بفقدان المفتاح، هو يكذب، هو يحاول دفعي للجنون، سألته عن السيارة، تعجب، ولم ينته الموقف إلا حين نزل معي لعم نصر، وذهبنا جميعا للسيارة، أنكرها عبد الله، سألت عم نصر، لكن العجوز تصرف كالدجاجة، أنكر معرفته بصاحبها، تركت كل شيء ورحلت وبداخلي غضب يكفي نصف الأرض.
قررت أن أفضحه، لن يتمكن من دفعي للجنون، أنا لا أهذي، بل هو المتلاعب الحقير، لماذا يفعل بي هكذا؟ سيخطئ ويقع، وحينها سيعرف أنني كشفته، وسأفضح ألاعيبه الحقيرة مثله. - قلت لي إن الأخرى أيضا قابلته في تلك الصورة المهندمة، فما حدث معها؟ - يجب أن تسمع روايتها دكتور؛ فأنا لا أرغب في الحديث عنهما أكثر من ذلك، هل يمكنني الذهاب الآن؟ - وكيف أقابلها دكتورة أمل؟ - ستأتي إليك فور ذهابي، أحتاج بعض الراحة، أرجوك.
عبد الله الثاني
- آسفة. - لم الأسف دكتورة؟ - لست دكتورة، أنا أمل فقط، لست هي دكتور مراد، ولم أعد أندهش كيف أجدني في عيادتك دون أن أجيء إليك.
عرف الدكتور أحمد أنها ربة القمر كما سماها الدكتور عبد الله الذي بدأ بالفعل يثير حفيظته، كان يريد معرفة المزيد عنه، فما عرفه حتى الآن يظهر الكثير من التناقض، قد يكون مرضيا، وقد يكون أخطر، أكثر ما يخشاه أن يكون أمام شخصية «سيكوباتية» قد تكون أكبر ضررا على أمل الآن. - أرجو أن ترتاحي بنيتي، ليس لدينا اليوم سوى بعض الأحاديث عن دكتور عبد الله. - أعرف الكثير عن عبد الله، أعرف الكثير عن هؤلاء الفنانين والفلاسفة، هم يحتاجون دوما لتلك الدماء الحارة في حياتهم، تدفعهم لحافة الجنون، وكلما بردت بحثوا عن الأحر، ربما هي تناسبه؛ فهي تتجول أمامه عارية بحرارتها، وتتركني لأفيق بعريها، أما أنا فسأظل كأمي، بدمائها الزرقاء، تحب، تعطي؛ فيصيبها النسيان قبل أن يصيبها الحظ. - لكنكما قضيتما بعض الوقت الممتع سويا، إن صح وصفي له بالممتع.
المتعة دكتور ليست في الوقت الذي نمضيه، المتعة الحقيقية في الإحساس بالرغبة، شعوري بأنني مرغوبة، مطلوبة، وكل ما يأتي بعد ذلك هو ثمن هذا الشعور، كنت معه باختياري مرات قليلة، وأفقت مرات أخرى برفقته بعد أن انتهى منها، لا أعرف ما يحدث بينهما، كل ما أعرفه أنه حتى خيانته لا يمكنه إخفاؤها. - ولم عليه أن يخفيها؟ - نوع من الاحترام دكتور، أنا احترمت ما عرفته عنه بالصدفة، احترمت ما لا يعرفه عن نفسه، ربما قبلت أنا التخلص من علتي، لكنني لا أملك أن أفرض عليه التخلص من علته. - وما علته؟ - هو مثلي له جانب آخر لا يعرفه هو، لم أفهمه في البداية، لكن حين أدركت أنني أحتاج لعلاج، أدركت أن ما به يحتاج أيضا للعلاج، كنت أتمنى أن نشفى سويا، لكن لا أعرف الكثير عن حالته، لا أعرف الكثير عن حالتي أيضا، كل ما أعرفه أنني فهمت الآن أشياء عديدة لم أكن أفهمها، أو أعرف سببها. - أريد أن أعرف المزيد عنه بنيتي.
هدأت أمل أكثر، كانت تريد الحديث، لم تكن تقاوم كما كانت من قبل، هي تتحدث بحرية أكثر كلما بعد الحديث عن أمها وأبيها، دون دكتور أحمد مراد ملاحظاته وهو يدخن غليونه، وأمل تتحدث بصوت هادئ.
أن يأتي لي ساعي البريد، فهي الزيارة غير المرحب بها؛ فعادة ما يحمل أخبارا غير سارة، لست في انتظار خطاب من حبيب غائب، أو قريب مسافر، وقعت له بعلم الوصول، واستلمت دعوى! هل قرر أبناء أعمامي الاستيلاء على ما بقي لنا من الإرث؟ هل يريدون كل شيء؟ لقد تركت لهم الكثير بالفعل، ماذا يريدون بعد الآن؟ كان علي الذهاب لمكتب محاماة في الإسكندرية، حتى أفهم سر تلك الدعوى، فكرت في الاتصال بمحامي أبي، لكن فضلت الذهاب أولا، ولن أوقع أية أوراق قبل الرجوع إليه. •••
طلبت من عامل الجراج إعداد السيارة، وأعددت ما يكفيني لعدة أيام بالإسكندرية، وأوصيت الممرضتين بأمي، وانطلقت، كانت المسافة طويلة، لكني اعتدت قطعها، لم تعد تضايقني، أتوقف في منتصف الطريق عند استراحة بفندقها المتواضع، ومطعمها الأكثر تواضعا؛ فأتناول القهوة وأترك العمال يهتمون بالسيارة.
البعض من الراحة يأتي في منتصف الطريق، هكذا فكرت وأمامي قهوتي، لماذا لم يمنح أبي تلك الراحة لأمي في منتصف طريقهما؟ كان دائم الضغط، كثير التطلب، لم يكن ليرضى إلا برؤيتها مقهورة، حتى دفعها للنسيان، حتى اسمها، هل كان صعبا حقا توفير بعض الراحة؟ فقط القليل منها، كان سينقذها، لكنه كغيره، سياراته أهم لديه من زوجته.
अज्ञात पृष्ठ