أوصد النافذة كي لا أرى العالم، أغلق قميصي حتى الزر الأخير لأحمي نفسي منه، لم أستطع يوما أن أقفز سور الحياة الواطئ، أجر عرجي ورائي وأنظر. لم أستطع أن أضغط زر المصعد، لم أمد يدي، أسحب شللي وأحملق؛ فقط وقفت هنا حيث لا شيء، أفكر في النهايات، أترك الشاي حتى يتجمد، والناقة حتى تطير، والزومبي حتى يغير أسنانه اللبنية، أعلق روحي من قدميها في السقف، وأدفئ قلبي بالمكواة، أنصت للريح التي تعوي في الخارج، وأقول ستصمت بعد قليل، لكنها تحطم نافذتي، ثم أضلعي واحدا وراء الآخر، وأنا جالس، مستسلم تماما للنهاية. كم خسرت؟ لا شيء، فلم أبدأ شيئا، أفكر في النهايات فأتهاوى، أفكر في النهايات فأسقط، أفكر في النهايات فأذوي، أفكر في النهايات فأتلاشى، لا يتبقى مني سوى شبح عجوز كنته دوما، يحني رأسه مثل جثة معلقة على الحائط، وأصابعها لا تصل إلى شيء، أي شيء .
0
أي شيء.
وكلما أتعبتني قدمي قلت ها قد وصلت
متى أصل؟ لا أعرف. لا يعرف أحد متى يصل أصلا، أو إلى أين يؤدي هذا الطريق، ما الذي يوجد في نهاية الخط. منذ اللحظة الأولى، منذ صرختنا الأولى في هذه الحياة للآهة الأخيرة والروح تستل كأنها دلو يسحب من بئر، لا أحد يعرف. لا نقوى على الحركة، نحبو، تتعثر خطواتنا، نسقط، نقف، نمشي، نجري، نهرول، نركب القطار، والطائرة، وصاروخ الفضاء، ثم نتعثر، فنسقط، فنحبو، فلا نقوى على الحركة، ولا نصل.
1
كانت جدتي تقول لي: «تاتا تاتا، خطي العتبة، تاتا تاتا.» أسمع صوتها في أذني، تصفق، أستند على لعبة خشبية بثلاث عجلات، أسقط، أنهض، أفرد ذراعي جانبي لتساعداني على التوازن، وأخطو خطوة أخرى، أسقط على وجهي، أنهض على وقع التصفيق، وأمشي، ما زلت أمشي.
2
كنت فوق حمارة بيضاء تشق الطريق المعفر بالتراب بينما أنا منهمك في قراءة كتاب فوقها. أنهي الكتاب، فأعدل الصفحات المطوية وأعيد قراءتها، مرة، مرتين، ربما عشرا. تواصل الحمارة طريقها وأنا أقرأ فيتسع الطريق، حتى حين سقطت من فوقها، وكسرت ذراعي، جبرتها وغطيتها بصفحة من كتاب النحو؛ قطر الندى وبل الصدى، شذور الذهب في معرفة كلام العرب، شرح ابن عقيل، ألفية ابن مالك. كنت أفكر أن اللغة هي الطريق، هي المفتاح الذي فتح الأبواب، كم بابا فتحته؟ لا أعرف، لكني ما زلت أرى مئات الأبواب المغلقة.
3
अज्ञात पृष्ठ