فقالت أرمانوسة: «لا سمح الله بذلك، فإني على شدة هواجسي لم تبرح حكايته بالي، وأراني في وجل على خطيبته لئلا يكون قد أصيب بسوء نحن السبب فيه.» •••
وقضيتا بقية اليوم في مثل هذه الأحاديث، وفي الصباح خرجت بربارة تتنسم الأخبار لعلها تسمع شيئا عن مجيء مرقس، فرأت الحاكم يسير مسرعا فسألته عن الخبر فقال: «أما رأيت الغبار المتصاعد في عرض الأفق؟»
قالت: «لا، وما ذلك؟»
قال: «أخبرنا الجواسيس أن يوقنا قادم مع رجاله لحمل سيدتي أرمانوسة، وقد جئت لأبشرها.»
فقالت: «أشكرك نائبة عنها، وسأبلغها هذه البشارة عنك.»
ثم تركته وصعدت إلى نافذة أطلت منها على ضواحي المدينة، فرأت الغبار يتصاعد، وقد دنا القادمون، فهرولت إلى سيدتها وأخبرتها، ولكنها مزجت الخبر بأمارات الاطمئنان خوفا عليها. أما أرمانوسة فلم تعبأ إلا بالحقيقة، فلطمت وجهها، وأخذت تفرك يديها كأنها وقعت في مصيبة، وبربارة لا تستطيع تخفيف اضطرابها، ولكنها قالت لها أخيرا: «إننا على موعد مع يوقنا في انتظار جواب والدك.»
فقطعت أرمانوسة كلامها قائلة: «وما خوفي إلا من ذلك الجواب، سامح الله والدي؛ فإنه هو الذي جلب علي كل هذه المتاعب.»
فقالت بربارة: «ألا تريدين أن تطلي من النافذة لمشاهدة القادمين؟»
قالت: «دعيني من النوافذ فإني مقيمة بهذه الغرفة لا أبرحها أبدا.»
وبينما هما في ذلك سمعتا قارعا يقرع الباب، فخرجت بربارة لاستقباله، فإذا هو الحاكم يحمل حقا وعلى وجهه أمارات البشر، فسألته عن أمره فقال: «إن الحق مرسل من البطريق يوقنا إلى السيدة أرمانوسة.» فهمست في أذنه: «إن سيدتي الآن في الفراش، ولا شك أنها ستشكر لك هذه الهمة، وسأبلغها الرسالة متى أفاقت، وربما دعوتك لمقابلتها.»
अज्ञात पृष्ठ