अरमानूसा मिस्रीया

जुर्जी ज़ैदान d. 1331 AH
120

अरमानूसा मिस्रीया

أرمانوسة المصرية

शैलियों

قال: «نعم يا سيدتي، ومعه رجال حكومته وسائر جنده.»

فقالت: «وماذا جرى للأعيرج ورجاله؟»

قال: «أظنهم ساروا إلى الإسكندرية ليتحصنوا فيها.»

فقالت: «أذهب وحده أم سارت معه حاشيته؟»

قال: «أظنهم ساروا جميعا على غير نظام؛ لأنهم إنما خرجوا من الحصن فارين، ولكنني لم أر ابنه أركاديوس معهم، ولم أره أبدا، والناس يتحدثون بشأنه، ويزعمون أنه قتل أو فر قبل دخول العرب الحصن.»

فقالت وهي تصرفه: «سنتأهب للرحيل طوعا لأمر أبي.» ودعت بربارة وقالت: «يجب أن نتأهب. ولكنني في قلق على أبي، فلنرسل إليه من يأتينا بتفصيل الواقعة، فقد لا يكون هناك داع للسفر.»

أجابت بربارة: «ليس لهذه المهمة أليق من مرقس، وهو الآن عند خطيبته.» فبعثوا إليه فجاء مسرعا، ولما أخبرته بربارة خبر الحصن لم يستغرب. لأنه كان على بينة من قرب سقوطه، فقالت له: «أين مارية؟» قال: «في البيت مع أبويها.» قالت: «فليأتوا إلينا جميعا، وليقيموا في القصر، وأما أنت فإذا رأيت ثم حاجة إلى فرارنا فعد إلينا مسرعا.»

قال: «سمعا وطاعة.» وخرج فجاء بخطيبته ووالديها، وودعهم جميعا، وسأل عن أركاديوس فدلوه على مكانه، فذهب إليه وقبل يده، فإذا بأثر الدمع يبدو في عينيه، وأمارات اليأس ظاهرة على وجهه، فتناثرت الدموع من عيني مرقس، ووقف أمام أركاديوس وقال: «ما بال سيدي يبكي وهو البطل المجرب الذي لا تهزه الحوادث؟ فهل يبكيك الفشل مرة، وأنت تعلم أن الحرب سجال؟! وأمد الحرب لا يزال طويلا.»

فتنهد أركاديوس وقال: «دعني يا مرقس، إن كلامك هذا لا يعزيني، فما أنا ممن ييأسون من النصر، والانكسار في الحرب لا يوجب يأسا؛ لأن القتال سجال كما قلت، ولكنني حزين لأني تعاميت عن حقائق كنت أراها رأي العين، وأحسب أنني لم أرها، وأكذب نفسي، لا لجهل أو سذاجة، بل لغشاء غطى عيني وأعمى بصيرتي، وشاغل شغلني عن أبي ووطني، ألا وهو الحب، وأظنك خبرت شيئا منه وعرفت سلطانه، ولولا تلك الغشاوة لاستطعت إنقاذ الحصن ومن فيه، وإرجاع هؤلاء العرب على أعقابهم إلى مراعي إبلهم وماشيتهم. إنما لقد سبق السيف العذل، فأنا شريك في الخيانة، وعون على تسليم الحصن للعرب، أفلا يحق أن أبكي وأندب سوء حظي، ألا أرثي حياتي، وقد أضعت رشدي، وأصبحت آلة لا إرادة لها؟ أرى اللص ينقب بيتي فأتغافل عنه، فإذا أتم النقب تركت البيت له يفعل به ما يشاء.»

فأدرك مرقس أن أركاديوس لم يكن غافلا عن تواطؤ المقوقس مع العرب، فتجاهل وقال: «إني لا أرى أن سيدي أركاديوس قد أتى أمرا يلام عليه؛ فإنك عمدة جند الروم وخير أبطالهم، ولم تخرج من الحصن فارا، والعناية قدرت لك النجاة من عار الفرار، ولو أراد الله سلامة الحصن ما خرجت أنت منه ولا دخله العرب، ولكنها مشيئته، فخفف عنك، وها أنا ذا ذاهب للبحث عن تفصيل الواقعة، وسأعود إليكم بالخبر اليقين.» وودعه وخرج، فناداه أركاديوس فعاد فقال له: «تفهم جيدا، وأخبرني ما عدد الجند، وقل للمقوقس إن علينا أن نعيد الكرة على هؤلاء العرب من الجزيرة، فإن آنست منه قبولا فأخبرني، فإني لأبلون فيهم بلاء حسنا، ولا أقعد حتى أعيدهم على أعقابهم أو أقتل، ولا تنس أن تبحث عن أبي أين هو الآن، واحذر أن يعلم أحد أني هنا.» قال: «سمعا وطاعة.»

अज्ञात पृष्ठ