وسكت الجار ولم يرد، وخاف الأستاذ من هذه السكتة، فقد كان يعرف ما وراءها إذ بعد قليل قال الجار: يعني المدني حضرتك تفهم فيه برضه؟ - طبعا، طبعا، أمال إيه.
قال الأستاذ هذا ولم يسأل عن السبب مخافة أن يحدث ما لا تحمد عقباه.
ولكن الجار تفوه بلهجة من لا يهمه الأمر: دا بس أصل فيه حكاية كده.
وأطبق الأستاذ فمه لا يود فتحه، وكأنه ليس هنا.
ولم يثبط هذا من همة الرجل، فسرعان ما أردف: حكاية كده غلبوا فيها المحامين، هو مش حضرتك بتدافع في المدني برضه، أصل أنا خايف أضايق حضرتك.
وأصر المحامي على صمته ولم يرد.
ومع هذا تنحنح الجار وقال: الحكاية غلبوا فيها كتير، اوعى تكون حضرتك مضايق والا حاجة، شوف يا سيدي، بقى أصل في سنة 1925 كان لي بيت وارثه عن أبويا، وكان فيه ورثه تانيين.
وبدأ الجار يروي القصة بحذافيرها من يوم أن كانت إلى يومنا هذا، ويشرح ما مرت به، والجلسات، والنقض، ونقض النقض، والأستاذ قد انشوى واستوى وهو يصغي، ومضطر أن يصغي.
وكانت العربة في هذه الأثناء قد وصلت «الرست هاوس»، فنزل المحامي والرجل وراءه، وأكمل القصة وهما يتناولان القهوة، وينفضان ما عليهما من أكوام التراب، ودفع المحامي الحساب والجار مستمر في الرواية. وفي الطريق إلى العربة كان الرجل قد انتهى، أو كاد، فسأل بلهجة لا تخلو من حداقة: وإيه رأي سيادتك بقى؟!
ولا بد للأستاذ أن يكون له رأي، أمال أستاذ إزاي؟!
अज्ञात पृष्ठ