ولا يمكن أيضا أن يكون حس خاص يجمع بالعرض كل ما تدركه الحواس على حال انفرادها: مثل الحركة، والوقوف، والشكل، والعظم، والعدد، والواحد. فجميع هذه تدرك بالحركة، كالعظم فانه لا يعرف إلا بحركة؛ وكذلك الشكل، وهو الاسكيم، لا يعرف إلا بحركة لأنه ضرب من ضروب العظم؛ وأما الوقوف فانما يدرك بلا حركة؛ وأما العدد فانما يدرك بأفوفاسيس الاتصال وبما كان له خاصا، وذلك أن كل حس إنما يحس بشىء واحد. — وبذلك يستبين أنه لا يمكن حسا من الحواس الاختصاص بجميعها، كقولك بالحركة: وإلا جاز أن يدرك الحلو بالبصر. (ولنا فى حسنا إدراك الأمرين، وإنما نعرف ذلك إذا اتفقا). وإلا فلسنا ندركها ألبتة إلا بالعرض كقولك فى فلان: ابن سفرون، فانه ابنه وهو أبيض؛ والبياض إنما هو عرض فى ابن سفرون. فأما الأشياء المشاعة من الحواس فنحن مدركوها بلا عرض؛ ولا محالة أنه ليس لما ذكرنا حواس خاصة لها، وإلا ما حسنا للحس بها إلا على ما يليق بها من ذلك الحس كالذى قلنا إنما نرى ابن سفرون هو أبيض. وقد يدرك الحس بالعرض ما كان خاصا لغيره من الحواس، وليس ذلك على حال اجتماع من الحواس. بل إنما يكون ذلك فى الحس الواحد إذا اجتمع شيئان فى شىء واحد، كمثل لون المرة وطعم مرارتها، وليس يدرك الحس هذين الشيئين إلا كشىء واحد. ولذلك يغلط: فان كان شيئا أصفر ظن أنه مرة.
وللطالب أن يطلب لم صارت لنا حواس كثيرة، ولم يكن حسا واحدا: وإنما كان ذلك لئلا تذهب علينا لواحق الحواس المشاعة بين جميعها: وهى الحركة والشكل والعظم والعدد. ولو كان الحس واحدا كالبصر، والبصر مدرك البياض، لذهب علينا ما خلف ذلك، و[إن] كان فى الأبيض الجميع، من أجل أن اللون والجسم يلحق أحدهما الآخر فيصيران معا. فلما كانت المشاعة السائحة بين الحواس موجودة فى محسوس آخر، استبان أن كل واحد منها غير صاحبه.
[chapter 19: III 2] 〈الحس المشترك: وظيفتاه الثانية والثالثة〉
पृष्ठ 64