[chapter 14: II 9] 〈الشم والرائحة〉
وأما القول فى الشىء المشموم وفى رائحته فانه أقل بيانا مما قيل وأعسر تفصيلا. وذلك أنه ليس حال الرائحة يبين أى الأشياء هى، كبيان القرع والضوء واللون. والعلة فى ذلك أن حس الاشتمام ليس بنقى فينا ولا جيد الاستقصاء، بل هو فينا دون ما هو فى كثير من الحيوان. والإنسان يشتم بخسا الأهواء، ولا يدرك بحس اشتمامه إلا ما استلذ أو كره، من أجل أن هذا الحس ليس هو بنقى فيه. وكذلك قاسية الأعين من الحيوان لا تدرك الألوان جيدا، ولا معرفة عندها بفصولها إلا بالخوف وغير الخوف. وكذلك حال بعض الرائحة عند جنس الناس. وأصناف الكيموس معادلة فى المذاق لأصناف الرائحة إلا أن حس المذاق فينا أشد استقصاء، إلا أن ذلك من أجل أنه ضرب من ضروب اللمس فى الإنسان جيد الإدراك. فأما فى سائر أصناف الحس فالإنسان دون كثير من الحيوان ما خلا حس اللمس فان له فضلا فيه على غيره من الحيوان. ولذلك كان الإنسان أحكم الحيوان. والدليل على ذلك ما نراه فى جنس الناس منسوبا إلى حس اللمس من ذكاء الطباع ورداءته، وذلك أن من كان جاسى اللحم فلا ذكاء لطباعه، ومن كان لين المجسة فى ملامسته دل ذلك على ذكاء الطباع.
पृष्ठ 52