إنه شىء ذو صفاء. وهذا الصفاء فى الجملة شىء منظور إليه لا بذاته، وإنما ينظر إليه بسبب لون غريب داخل عليه؛ وكذلك الهواء، والماء، وكثير من الأجساد الكثيفة، لأن الهواء والماء ليسا من الجهة التى هما فيهما هواء وماء صار لذوى الصفاء صفاء، ولكن فيهما جميعا طباع له هذه الحال، وكذلك الجسم الأعلى الروحانى. فالضوء فعل هذا الصفاء، وهو أيضا ظلمة فى القوة. وأما الضوء فهو لون الصفاء إذا صار بالفعل؛ والذى يصيره هكذا إما النار، أو ما أشبه النار كالجرم الأعلى، فان لذلك شيئا مفردا بحال واحدة غير منصرف. — وقد قيل ما الصفاء وما الضوء، وأنه ليس بنار ولا جرم ألبتة، ولا صبيب من نار (ولوجب أن يكون جرما لو كان بهذه الحال)، ولكنه يظهر فى الصقيل بحضور النار، أو ما أشبه النار: وليس يمكن لجسدين أن يكونا معا فى الشىء بعينه.
وقد يظن أن الضوء ضد الظلمة، وأن الظلمة عدم جدة الضوء من الصقيل؛ ولا محالة أن حضوره هو الضوء. — ولم يحسن أنبادقلس ولا غيره ممن زعم أن الضوء يصير بين الأرض والهواء، فيذهب ذلك علينا ويخفى. وهذا القول يخالف العيان ويخالف معنى الحق لأنه لو كانت المسافة صغيرة جاز أن يخفى، فأما مسافة بعدها ما بين المشرق إلى المغرب فليست بصغيرة.
पृष्ठ 46