وعلى هذا يُحْمَل ما في كلام بعض السلف مما يوهم أن هذه الأمور التي عدَّها ابن عباس من تمام النعمة هي إكمال الدين، فمرادهم أنها من تمام النعمة المذكورة في الآية.
ومما يدل على ذلك ما ذكره في "الدر المنثور" (^١)
قال: وأخرج الحُمَيدي وأحمد وعَبْد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن طارق بن شهاب قال: قالت اليهود لعمر: إنكم تقرأون آيةً في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال: وأي آيةٍ؟ قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾. قال عمر: والله إني لأعلم اليومَ الذي نزلت على رسول الله ﵌ والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله ﵌ عشيَّة عرفة في يوم جمعة.
وذكر آثارًا أخرى في معنى هذا.
ولو كان معنى إكمال الدين هو مُجَرَّد إكمال الحج، وإعزاز الدين في مكة، ونحوه، لما استحقَّ هذه العناية كلها.
ثم إن إنزال الله ﷿ الآية يوم عرفة، ويوم الجمعة، في أفضل ساعة منه، يدلُّ على عَظَمتها، وإنما تتمّ عظمتُها بما ذكرنا.