अरबाकून हदीथान
الاربعون حديثا
शैलियों
الاربعون حديثا :102
وكان هناك آخرون من علماء قم ممن لم يلتفتوا ابدا الى هذه التقيدات التي يحيكها لك الشيطان . كانوا يشترون حاجياتهم من السوق بانفسهم ، ويحملون الماء من مخازن المياه الى بيوتهم ، ويشتغلون في منازلهم . وكان صدر المجلس وذيله سواء عندهم . وكانوا على درجة من التواضع بحيث تبعث على التعجب ومع ذلك كله كان مقامهم محفوظا بل كانت منزلتهم تسمو في قلوب الناس اكثر فاكثر .
وعلى اي حال ، ان صفة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وصفة علي بن ابي طالب عليه السلام لا تقلل من قدر الانسان اذا اتصف بها . ولكن لا بد من ان ينتبه الانسان الى مكائد النفس في هذه الحالات ، لانها كثيرا ما تكون قد اعدت لك فخا آخر لتوقعك فيه . فقد يجلس احدهم من يريد التخلص من الكبر في ذيل المجلس بهيئة من يريد ان يقول ان مقامه ارفع من مقامات الحاضرين ، ولكنه لتواضعه جلس حيث جلس . واذا التبس على الناس الامر وقدموا عليه من يشك في افضليته عليه ، فانه من يهرب من صفة التكبر يقدم على نفسه من لا يشك في تاخره عنه لكي يزيل ذلك الالتباس بالايحاء بان تاخيره في الدخول على المجالس وتقديم الآخرين على نفسه يكون من باب التواضع . هذه ومئات الامثلة الاخرى من هذا القبيل هي من مكائد النفس التي تريد للانسان التكبر والرياء .
فلا بد من المجاهدة الخالصة الصادقة ، فبها يمكن اصلاح النفس . ان جميع الصفات النفسانية قابلة للاصلاح ، الا ان الامر في البداية يتطلب بعض العناء ، ولكن ما ان يضع قدمه على طريق الاصلاح حتى يسهل عليه الامر . انما المهم هو ان يشرع في الفكير في تطهير نفسه واصلاحها ، والاستيقاظ من النوم .
ان المرحلة الاولى من مراحل الانسانية هي «اليقظة» وهي الاستيقاظ من نوم الغفلة ، والصحوة من سكر الطبيعة ، والادراك ان الانسان مسافر ، وانه لا بد للمسافر من زاد وراحلة . وزاد الانسان خصاله ، وراحلته في هذه المرحلة الخطرة المخيفة ، وفي هذه الطريق الضيقة ، وفي الصراط الذي احد من السيف وادق من الشعرة ، هي همة الرجال وعزمهم . والنور الذي ينير ظلام هذا الطريق ، هو نور الايمان والخصال الحميدة . فاذا تقاعس الانسان ووهنت همته اخفق في العبور ، وانكب على وجهه في النار ، وساوى تراب الذل ، وانقلب في هاوية الهلاك . فمن لم يستطع اجتياز هذا الصراط لا يستطيع اجتياز صراط يوم القيامة ايضا .
فيا ايها العزيز ، اشدد عزيمتك ، ومزق عن نفسك سجف الجهل ، وانج بنفسك من هذه الورطة المهلكة ! كان امام المتقين وسالك طريق الحقيقة ينادي في المسجد باعلى صوته حتى يسمعه الجيران : «تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل» (1) ! وما زاد ينفعك سوى الاربعون حديثا :103
पृष्ठ 102