الامر . لقد وردت الاشارة الى هذا المعنى في الحديث الشريف في الكافي : «عن جراح المدائني ، عن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا» (1). قال عليه السلام : الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله ، انما يطلب تزكية الناس يشتهى ان يسمع به الناس فهذا الذي اشرك بعبادة ربه . ثم قال : ما من عبد اسر خيرا فذهبت الايام ابدا حتى يظهر الله له خيرا ، وما من عبد اسر شرا فذهبت الايام ابدا حتى يظهر الله له شرا» (2) .
اذا ايها العزيز ، اطلب السمعة والذكر الحسن من الله ، التمس قلوب الناس من مالك القلوب ، اعمل انت لله وحده فستجد ان الله تعالى فضلا عن الكرامات الاخروية ونعم ذلك العالم سيتفضل عليك في هذا العالم نفسه بكرامات عديدة ، فيجعلك محبوبا ، ويعظم مكانتك في القلوب ، ويجعلك مرفوع الراس وجيها في كلتا الدارين . ولكن اذا استطعت فخلص قلبك بصورة كاملة بالمجاهدة والمشقة ، من هذا الحب ايضا ، وطهر باطنك ، كي يكون العمل خالصا من هذه الجهة ، ويتوجه القلب الى الله فقط ، وتنصع الروح ، وتزول ادران النفس . فاية فائدة تجني من حب الناس الضعاف لك ، او بغضهم ، او للشهرة والصيت عند العباد وهم لا يملكون شيئا من دون الله تعالى ؟ وحتى لو كانت له فائدة على سبيل الفرض فانما هي فائدة تافهة ولايام معدودات ، ومن الممكن ان يجعل هذا الحب عاقبة عمل الانسان الى الرياء ، وان يجعل الانسان لا سمح الله مشركا ومنافقا وكافرا ، وانه اذا لم يفتضح في هذا العالم ، فسيفتضح في ذلك العالم في محضر العدل الرباني ، عند عباد الله الصالحين وانبيائه العظام وملائكته المقربين ، ويهان ويصبح مسكينا . انها فضيحة ذلك اليوم ، وما ادراك ما تلك الفضيحة ، والله يعلم اية ظلمات تلي تلك المهانة في ذلك المحضر ! ان ذلك اليوم كما يقول الله تعالى في كتابه يتمنى الكافر فيه قائلا : «يا ليتني كنت ترابا» (3) ، ولكن لا جدوى لهذا التمني .
ايها المسكين ، انك ولاجل محبة بسيطة ، جزئية ، ومنزلة عديمة الفائدة بين العباد ، تجاوزت تلك الكرامات وفقدت رضا الله ، وعرضت نفسك لغضب الله .
لقد استبدلت الاعمال التي كان ينبغي ان تهيئ بها دار الكرامة في الآخرة ، وتوفر الحياة السعيدة الدائمة وتصل بواسطتها الى اعلى عليين في الجنان ، استبدلها بظلمات الشرك والنفاق واعددت لنفسك الحسرة والندامة والعذاب الشديد ، وجعلت نفسك من اهل «سجين» ، الاربعون حديثا :51
पृष्ठ 50