الذي رايت مناجاة مولى المتقين امير المؤمنين سلام الله عليه ، ورايت مناجاة سيد الساجدين عليه السلام في دعاء ابي حمزة الثمالي ... فتامل قليلا في مضمونها ، وفكر قليلا في محتواها ، وتمعن قليلا في فقراتها ، فليس ضروريا ان تقرا دعاء طويلا دفعة واحدة وبسرعة دون تفكر في معانيه . انا وانت ليس لدينا حال سيد الساجدين عليه السلام كي نقرا تلك الادعية المفصلة بشوق واقبال ، اقرا في الليلة ربع ذلك او ثلثه وفكر في فقراته ، لعلك تصبح صاحب شوق واقبال وتوجه ، وفوق ذلك كله فكر قليلا في القرآن ، وانظر اي عذاب وعد به بحيث ان اهل جهنم يطلبون من الملك الموكل بجهنم ان ينتزع منهم ارواحهم ، ولكن هيهات فلا مجال للموت .. انظر الى قوله تعالى«... يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ، وان كنت لمن الساخرين». (1)
فاية حسرة هذه التي يذكرها الله تعالى بتلك العظمة وبهذا التعبير ؟ تدبر في هذه الآية القرآنية الشريفة ولا تمر عليها دون تامل . وتدبر ايضا آية «يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد». (2)
حقا فكر يا عزيزي ! القرآن استغفر الله ليس بكتاب قصة ، ولا بممازح لاحد ، انظر ما يقول ... اي عذاب هذا الذي يصفه الله تبارك وتعالى وهو العظيم الذي لا حد ولا حصر لعظمته ولا انتهاء لعزته وسلطانه ، يصفه بانه شديد وعظيم ... فماذا وكيف سيكون ؟! الله يعلم ، لان عقلي وعقلك وعقول جميع البشر عاجزة عن تصوره . ولو راجعت اخبار اهل بيت العصمة والطهارة وآثارهم ، وتاملت فيها ، لفهمت ان قضية عذاب ذلك العالم ، هي غير انواع العذاب التي فكرت فيها ، وقياس عذاب ذلك العالم بعذاب هذا العالم ، قياس باطل وخاطئ .
وهنا انقل لك حديثا شريفا عن الشيخ الجليل صدوق الطائفة ، لكي تعرف ماهية الامر وعظمة المصيبة مع ان هذا الحديث يتعلق بجهنم الاعمال وهي ابرد من جميع النيران ، وعليك ان تعلم اولا ان الشيخ الصدوق الذي ينقل عنه الحديث ، هو الشخص الذي يتصاغر امامه جميع العلماء الاعلام ، اذ يعرفونه بجلالة القدر . وهذا الرجل العظيم هو المولود بدعاء امام العصر عليه السلام ، وهو الذي حظي بالطاف الامام المهدي عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف واني اروي الحديث بطرق متعددة عن كبار علماء الامامية رضوان الله عليهم باسناد متصلة بالشيخ الصدوق ، والمشايخ ما بيننا وبين الصدوق (ره) ، جميعهم من الاربعون حديثا :39
पृष्ठ 38