الاربعون حديثا :323
وبإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «شكر النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر قول الرجل : الحمد لله رب العالمين» (1) .
وبإسناده عن حماد بن عثمان قال : «خرج أبو عبد الله عليه السلام من المسجد وقدضاعت دابته فقال : لئن ردها الله علي لأشكرن الله حق شكره . قال : فما لبث أن اتي بها ، فقال : الحمد لله . فقال له قائل : جعلت فداك أليس قلت : لأشكرن الله حق شكره ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : ألم تسمعني قلت : الحمد لله» (2) .
ويفهم من هذا الحديث ، أن حمد الله سبحانه من أفضل مصاديق الشكر باللسان .
إن من آثار الشكر ، زيادة النعمة ووفورها ، كما صرح بذلك الكتاب الكريم «لئن شكرتم لأزيدنكم» . وفي كتاب الكافي الشريف عن الامام الصادق عليه السلام :
قال : «من اعطي الشكر اعطي الزيادة ، يقول الله عز وجل : «لئن شكرتم لأزيدنكم» (3) .
تتميم
إعلم أن عائشة قد حسبت بأن سر العبادات ، ينحصر في الخوف من العذاب أو في محو السيئات ، وتصورت بأن عبادة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، مثل عبادة كافة الناس ، ولهذا بادرت الى الاعتراض عليه قائلة : لماذا تجهد نفسك ؟ وقد نشأ هذا الظن من جراء جهلها لمقام العبادة والعبودية ولمقام النبوة والرسالة ، حيث لم تعرف بأن عبادة العبيد والاجراء بعيدة عن ساحة قدسه ، وأن عظمة الرب ، وشكر نعمه اللامتناهية قد سلبت الراحة والقرار من حضرته صلوات الله عليه ، بل إن عبادة الاولياء الخلص ، انتقاش للتجليات اللامتناهية للمحبوب ، كما أشير اليه في الصلاة المعراجية .
إن الأولياء عليهم السلام رغم إنهم ينصهرون في الجمال والجلال ، ويفنون في الصفات والذات ، لا يغفلون عن كل مرحلة من مراحل العبودية . وإن حركات أبدانهم تتبع حركاتهم العشقية الروحانية ، وهي تتبع كيفية ظهور جمال المحبوب ، ولكن لا يمكن التحدث مع عائشة بجواب مفحم ، بل اقتصر عليه الصلاة والسلام على جواب مقنع ، حيث بين مرتبة من المراتب النازلة للعبادة حتى تعرف هذا المقدار بأن عبادات حضرته ليست لهذه الأمور الدنية الحقيرة . والحمد لله .
पृष्ठ 323