الفاسدة والملكات الرذيلة التي تنشا عن الشهوة والغضب والوهم عندما تكون حرة وتحت تصرف الشيطان وبين منافع ومضار كل واحدة من الاخلاق الحسنة والفضائل النفسية ، والملكات الفاضلة والتي هي وليدة تلك القوى الثلاث عندما تكون تحت تصرف العقل والشرع ، ليرى على اي واحدة منها يصح الاقدام ويحسن العمل ؟! .
فمثلا ، ان النفس ذات الشهوة المطلقة العنان التي ترسخت فيها اي في النفس واصبحت ملكة ثابتة لها ، وتولدت منها ملكات كثيرة في ازمنة متطاولة ، هذه النفس لا تتورع عن اي فجور تصل يدها اليه ، ولا تعرض عن اي مال ياتيها ، ومن اي طريق كان ، وترتكب كل ما يوافق رغبتها وهواها مهما كان ولو استلزم ذلك اي امر فاسد .
ومنافع الغضب الذي اصبح ملكة للنفس ، وتولدت منه ملكات ورذائل اخرى ، منافعه هي انه يظلم بالقهر والغلبة كل من تصل اليه يده ، ويفعل ما يقدر عليه ضد كل شخص يبدي ادنى مقاومة ، ويثير الحرب باقل معارضة له ، ويبعد المضرات وما لا يلائمه ، باية وسيلة مهما كانت ، ولو ادى ذلك الى وقوع الفساد في العالم . وعلى هذا النحو تكون منافع النفس لصاحب الواهمة الشيطانية الذي ترسخت فيه هذه الملكة . فهو ينفذ عمل الغضب والشهوة باية شيطنة وخدعة كانت ، ويسيطر على عباد الله باية خطة باطلة كانت ، سواء بتحطيم عائلة ما ، او بإبادة مدينة او بلاد ما .
هذه هي منافع تلك القوى عندما تكون تحت تصرف الشيطان ، ولكن عندما تفكرون بصورة صحيحة ، وتلاحظون احوال هؤلاء الاشخاص ، تجدون ان اي شخص مهما كان قويا ، ومهما حقق من آماله وامانيه فانه رغم ذلك لا يحصل على واحد من الالف من آماله ، بل ان تحقق الآمال ووصول اي شخص الى امانيه ، امر مستحيل في هذا العالم ، فان هذا العالم هو «دار التزاحم» وان مواده تتمرد على الارادة . كما ان ميولنا وامنياتنا ايضا لا يحدها حد ، فمثلا ان القوة الشهوية في الانسان ، هي بالصورة التي لو كانت بيده نساء مدينة كاملة بفرض المحال لتوجه الى نساء مدينة اخرى ايضا ، واذا اصبحت بلاد باكملها من نصيبه لتوجه الى بلاد اخرى ، وعلى الدوام تجده يطلب ما لا يملك ، رغم ان ذلك من فرض المحال انه مجرد خيال ، ومع هذا يبقى مرجل الشهوة مشتعلا ، وان الانسان لم يصل بعد الى امنيته . وهكذا بالنسبة الى القوة الغضبية فانها قد خلقت في الانسان بالصورة التي لو انه اصبح يملك الرقاب بشكل مطلق في مملكة ما ، لذهب الى مملكة اخرى لم يسيطر عليها بعد ، بل ان كل ما يحصل عليه يزيد من هذه القوة فيه . وعلى كل منكر لهذه الحقيقة ان يراجع حاله وحال اهل هذا العالم ، كالسلاطين ، والمتمولين ، واصحاب القوة والجاه ، وحينذاك سيصدق كلامنا هذا .
पृष्ठ 35