تتحقق التوبة من الانسان في ذلك الوقت .
هل تظن ان التوبة مجرد كلام يقال ؟ ان القيام بالتوبة لعمل شاق . ان الرجوع الى الله والعزم على عدم العودة الى الذنب يحتاج الى رياضة علمية وعملية ، اذ نادرا ما يحدث للانسان ان يفكر لوحده بالتوبة او يتوفق اليها او يتوفق الى توفير شرائط صحة التوبة وقبولها او الى توفير شرائط كمالها . اذ من الممكن ان يدركه الموت قبل التفكير في التوبة او انجازها وينقله من هذه النشأة مع المعاصي التي تنوء بالانسان ومع ظلمات الذنوب اللامتناهية . وفي ذلك الوقت يعلم الله وحده المصائب والمحن التي سوف يواجهها ! .
ليس من السهل ان يجبر الانسان في العالم الآخر معاصيه ، اذا كان من اهل النجاة وممن عاقبة امره سعيدة : اذ لا بد من متاعب وضغوطات ونيرانا حتى يصبح الانسان اهلا لرحمة ارحم الراحمين .
اذا ايها العزيز ! عجل في شد حيازيمك ، واحكام عزيمتك وقوتك الحاسمة وانت في ايام الشباب او على قيد الحياة في هذه الدنيا وتب الى الله ، ولا تسمح لهذه الفرصة التي انعم الله بها عليك ان تخرج من يدك ، ولا تعبا بتسويف الشيطان ومكائد النفس الامارة .
نقطة هامة
ويجب الانتباه الى نقطة هامة اخرى : هي ان الشخص التائب بعد توبته لا يستعيد الصفاء الداخلي الروحاني والنور الخالص الفكري السابق كما انك لو سودت صفحة بيضاء ثم حاولت ان تعالج السواد وتزيله عنها لم تعد الصفحة الى حالتها الاولى من البياض الناصع ، وكذلك الاناء المكسور اذا اصلحناه فمن الصعب ان يعود الى حالته السابقة . انه لبون شاسع بين خليل يكون مخلصا مع الانسان طوال العمر ، وصديق يخونك ثم يعتذر عن تقصيره .
فضلا عن ان قليلا ما ترى شخصا يستطيع القيام بوظائف التوبة بشكل صحيح .
اذا ، يجب على الانسان ان يتجنب ما امكن ارتكاب المعاصي والذنوب ، لأن اصلاح النفس بعد افسادها من الاعمال الشاقة ، واذا تورط لا سمح الله في مصيبة وجب عليه بشكل عاجل ان يفكر في العلاج لان اصلاح الفساد القليل يتم اسرع وبكيفية احسن .
ايها العزيز ! لا تمر على هذا المقام من دون مبالاة ولا اهتمام . فكر في حالك وعاقبة امرك ، وراجع كتاب الله واحاديث خاتم الانبياء وائمة الهدى سلام الله عليهم اجمعين وكلمات علماء الامة واحكام العقل الوجدانية . افتح على نفسك هذا الباب الذي يعد مفتاح الابواب الاخرى ، وادخل في هذا المقام الذي يعتبر من اهم المنازل الانسانية ، بالنسبة الينا وكن مهتما فيه وواظب عليه واطلب من الله عز وجل التوفيق في الوصول الى المطلوب ، الاربعون حديثا :260
पृष्ठ 259