226

अरबाकून हदीथान

الاربعون حديثا

शैलियों

الاربعون حديثا :230

والحكماء قد اسهبوا الحديث في معنى الابتلاء والامتحان ، ولا يتناسب نقله مع هذا الكتاب . فنتيجة الاختبار بصورة مطلقة ورغم ان الامرين المذكورين من اهم نتائجه هو فصل السعيد عن الشقي على صعيد الخارج الواقعي .

وتتم في هذا الامتحان والتمحيص حجة الله على خلقه ايضا ، وتكون تعاسة وسعادة وهلاك وحياة كل شخص عن حجة وبينة ، ولا يبقى لاحد مجال للاعتراض ، فمن سعى في طريق السعادة والحياة الابدية ، كان سعيه توفيقا من الله وهداية له ، لانه سبحانه قد وفر جميع اسباب هذا السبيل . ومن جد في طريق الشقاء ووجه وجهه نحو الهلاك ومتابعة الهوى والشيطان مع توفر كل طرق الهداية وأسباب السعادة ، فقد اختار بنفسه الهلاك والتعاسة رغم نهوض الحجة البالغة للحق تبارك وتعالى على خلاف ما ارتآه «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» (1) .

فصل: في بيان فلسفة شدة ابتلاء الانبياء والاوصياء والمؤمنين

اعلم وقد سبق منا الحديث بان كل عمل يصدر من الانسان ، بل كل ما يقع منه في عالم ملك الجسم ، وكان مدركا للنفس ، يترك اثرا لدى النفس ، من دون فرق بين الاعمال الحسنة او السيئة ، ومن دون فرق بين ان يكون العمل من نوع الافراح او نوع الاتراح . وقد عبر عن هذا الاثر في الاخبار بنقطة بيضاء ونقطة سوداء مثلا : ان كل لذة مما يلتذ الانسان به من المطعومات او المشروبات او المنكوحات او غيرها ، يترك اثرا في النفس ، ويحصل تعلقا ومحبة في عمق الروح تجاهه الشيء الذي تمتع فيه ويزداد توجه النفس اليه . وكلما توغل في اللذائذ والمشتهيات اكثر ، ازداد تعلق النفس وحبها لهذا العالم اكثر . وغدا ركونهه واعتماده على هذا العالم اكبر ، فتتربى النفس وترتاض على التعلق بالدنيا . وكلما كانت المتع في ذائقته احلى ، كانت جذور محبة الدنيا في قلبه اكثر . وكلما توفرت وسائل العيش والعشرة والراحة بشكل اوفى ، اصبحت دوحة التعلق بالدنيا اقوى وكلما اقبلت النفس على الدنيا اكثر ، كلما كانت غفلته عن الحق وعالم الآخرة اكثر . فان نفس الانسان اذا ركنت الى الدنيا كليا وصار توجهها ماديا ودنيويا ، انصرف عن الحق المتعال ودار الكرامة نهائيا و«اخلد الى الارض واتبع هواه» (2) .

فالانهماك في بحر اللذائذ والمشتهيات يصرف الانسان الى حب الدنيا من دون اختيار ، الاربعون حديثا :231

पृष्ठ 230