تعترض الانسان ايام حياته ، ومن الممكن انه في لحظة واحدة يسقط في مزلق مهلك ، يعجز من السعي لانقاذ نفسه ، بل قد لا يهتم بانقاذ نفسه ، بل ربما لا تشمله حتى شفاعة الشافعين . نعوذ بالله منها .
فصل: في المشارطة والمراقبة والمحاسبة
ومن الامور الضرورية للمجاهد : «المشارطة والمراقبة والمحاسبة» . فالمشارط هو الذي يشارط نفسه في اول يومه على ان لا يرتكب اليوم اي عمل يخالف اوامر الله ، ويتخذ قرارا بذلك ويعزم عليه . وواضح ان ترك ما يخالف اوامر الله ، ليوم واحد ، امر يسير للغاية ، ويمكن للانسان بيسر ان يلتزم به . فاعزم وشارط وجرب ، وانظر كيف ان الامر سهل يسير .
ومن الممكن ان يصور لك ابليس اللعين وجنده ان الامر صعب وعسير . فادرك ان هذه هي من تلبيسات هذا اللعين ، فالعنه قلبا وواقعا ، واخرج الاوهام من قلبك ، وجرب ليوم واحد ، فعند ذلك ستصدق هذا الامر .
وبعد هذه المشارطة عليك ان تنتقل الى «المراقبة» ، وكيفيتها هي ان تنتبه طوال مدة المشارطة الى عملك وفقها ، فتعتبر نفسك ملزما بالعمل وفق ما شارطت . واذا حصل لا سمح الله حديث لنفسك بان ترتكب عملا مخالفا لامر الله ، فاعلم ان ذلك من عمل الشيطان وجنده ، فهم يريدونك ان تتراجع عما اشترطته على نفسك ، فالعنهم واستعذ بالله من شرهم ، واخرج تلك الوساوس الباطلة من قلبك ، وقل للشيطان : «اني اشترطت على نفسي ان لا اقوم في هذا اليوم وهو يوم واحد باي عمل يخالف امر الله تعالى ، وهو ولي نعمتي طول عمري ، فقد انعم وتلطف علي بالصحة والسلامة والامن والطاف اخرى ، ولو اني بقيت في خدمته الى الابد لما اديت حق واحدة منها ، وعليه فليس من اللائق ان لا افي بشرط بسيط كهذا» ، وآمل ان شاء الله ان ينصرف الشيطان ، ويبتعد عنك ، وينتصر جنود الرحمن .
والمراقبة لا تتعارض مع اي من اعمالك كالكسب والسفر والدراسة ، فكن على هذه الحال الى الليل ريثما يحين وقت المحاسبة .
واما «المحاسبة» فهي ان تحاسب نفسك لترى هل اديت ما اشترطت على نفسك مع الله ، ولم تخن ولي نعمتك في هذه المعاملة الجزئية ؟ اذا كنت قد وفيت حقا ، فاشكر الله على هذا التوفيق ، وان شاء الله ييسر لك سبحانه التقدم في امور دنياك وآخرتك ، وسيكون عمل الغد ايسر عليك من سابقه ، فواظب على هذا العمل فترة ، والمامول ان يتحول الى ملكة فيك بحيث يصبح هذا العمل بالنسبة اليك سهلا ويسيرا للغاية ، وستحس عندها باللذة والانس في طاعة الله الاربعون حديثا :27
पृष्ठ 26