151

شبيها بأي حيوان ويبعثان على الفضيحة والذل في هذه الدنيا امام الاصحاب والاقران ، كما انهما يوجبان الذل والعذاب الاليم في الآخرة ، مثلما جاء وصفه في الحديث الشريف ان صورته في ذلك العالم «انه يحشر بلسانين من نار» ويسببان طأطأة الرأس والفضيحة امام خلق الله وفي حضرة الانبياء المرسلين والملائكة المقربين . ويتضح من هذا الحديث شدة عذاب المنافق وذي الوجهين ، لانه اذا اصبح جوهر الجسم جوهر النار ، كان الاحساس اقوى والالم اشد اعوذ بالله من شدته .

عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيء يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده . ثم يقال هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين ولسانين يعرف بذلك يوم القيامة (1) . ويكون مشمولا بالآية الشريفة :

«ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار» (2) .

ان النفاق وذا الوجهين مضافا الى ما تقدم يكونان مصدر كثير من المفاسد والمهالك التي يمكن لاية واحدة منها ان تحكم بالفناء على دنيا الانسان وآخرته ، مثل «الفتنة» التي ينص القرآن الكريم على انها «اشد من القتل» (3) . ومثل «النميمة» التي يقول عنها الامام الباقر عليه السلام :

«محرمة الجنة على القتاتين المشائين بالنميمة» (4) .

ومثل «الغيبة» التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «انها اشد من الزنا» . ومثل ايذاء المؤمن وسبه وكشف الستر عنه وافشاء سره ، وغيرها مما يعد كل واحد منها سببا مستقلا لهلاك الانسان .

واعلم انه تتدرج في النفاق وذي الوجهين جملة امور هي : الغمز واللمز والكنايات التي يطلقها البعض على البعض الآخر ، على الرغم من اظهار المحبة والصداقة الحميمة . فعلى الانسان ان يكون على حذر شديد ، وان يراقب سلكوه واعماله . فان مكائد النفس والاساليب الشيطانية الماكرة خفية جدا ، قل من استطاع الافلات منها . فقد يصبح الانسان باشارة من اشاراته التي تصدر في غير محلها ، او بغمز وتعريض يصدر منه في غير موضعه ، من ذوي الوجهين ، وقد يكون الانسان مبتلى بهذه الرذيلة حتى نهاية عمره ، بينما هو يتصور نفسه سليما الاربعون حديثا :156

पृष्ठ 155