127

الاربعون حديثا :131

الشرح :

قال المحقق الكبير احمد بن محمد ، المعروف بابن مسكوية ، في كتابه تهذيب الاخلاق وتطهير الاعراق القيم الذي يقل نظيره في حسن التنظيم والبيان ما نصه (1) :

«والغضب بالحقيقة هو حركة للنفس يحدث بها غليان دم القلب شهوة للانتقام . فاذا كانت هذه الحركة عنيفة ، أججت نار الغضب واضرمتها ، فاحتد غليان دم القلب وامتلات الشرايين والدماغ دخانا مظلما مضربا يسوء منه حال العقل ويضعف فعله ، ويصير مثل الانسان عند ذلك على ما حكته الحكماء مثل كهف مليء حريقا واضرم نارا فاختنق فيه اللهيب والدخان وعلا منه الاجيج والصوت المسمى وحي النار ، فيصعب علاجه ويتعذر اطفاؤه ، ويصير كل ما تدنيه منه للاطفاء سببا لزيادته ومادة لقوته . فلذلك يعمى الانسان عن الرشد ويصم عن الموعظة ، بل تصير المواعظ في تلك الحال سببا للزيادة في الغضب ومادة للهيب والتأجج وليس يرجى له في تلك الحال حيلة» .

ثم يقول (2) «واما سقراطيس (3) قال اني للسفينة اذا عصفت بها الرياح وتلاطمت عليها الامواج وقذفت بها الى اللجج التي فيها الجبال ، ارجى مني للغضبان الملتهب ، وذلك ان السفينة في تلك الحال يلطف بها الملاحون ويخلصونها بضروب الحيل فاما النفس اذا استشاطت غضبا فليس يرجى لها حيلة البتة وذلك ان كل ما رقي به الغضب من التضرع والموعظة والخضوع يصير له بمنزلة الجزل من الحطب يوهجه ويزيده استعارا» انتهى .

पृष्ठ 131