अरबासिन मुग्निय्या
كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين
शैलियों
840- هذا الحديث أصل عظيم من أصول أهل السنة في إثبات رؤية المؤمنين ربهم عز وجل، منحنا الله ذلك بفضله، وعليه أجمع الصحابة، ولم يكن بينهم في ذلك خلاف أصلا، وكذلك إلى أن حدثت الطائفة المعتزلة فأنكروا ذلك وتأولوه ردا لنصوص الكتاب والسنة إلى عقولهم الفاسدة، ظنا منهم أن المرئي لا بد أن يكون متحيزا، ويلزم من ذلك الجسمية، وهي شبهة ضعيفة لا معول عليها؛ لأنها مبنية على اشتراط انبعاث الأشعة في الرؤية واتصالها بالمرئي، فهي إذا أجسام ولا تتصل إلا بما كان محاذيا لها في جهة منها، وكل ذلك باطل. بل سبب الرؤية خلق الإدراك على قضية مطردة في العادة، ويجوز أن يتخلف الخلق عن العين تارة، وأن يخلق الله لها إدراكا آخر غير الإدراك المعتاد أخرى، فتعلق الإدراك بالمدرك نوع كشف يخلقه الله تعالى لا يفتقر إلى انبعاث أشعة واتصالها، كما لا يفتقر الكشف العلمي إلى ذلك، وبسط الكلام في هذا المقام ليس هذا موضعه، بل هو مقرر في الكتب الأصولية. والمعتمد لأهل السنة أن رؤية الله تعالى ممكنة، بدليل سؤال موسى ربه ذلك، ولو لم تكن جائزة لما سألها موسى عليه السلام؛ إذ يستحيل أن يجهل موسى ما يجوز وما يستحيل في حقه، وإذا كانت ممكنة وقد دل الكتاب والسنة على أنها واقعة وأجمع عليه الصحابة؛ فلا وجه لردها وتأولها، إذ لا يتأول من السمعيات إلا ما كان ظاهرا يتطرق إليه التأويل، وقد قام الدليل العقلي على خلاف ظاهره. فأما النصوص التي لا تحتمل تأويلا ولم يقم قاطع عقلي على استحالة مدلولها فإن تأويلها باطل، وحديث جرير هذا نص قاطع في أن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة، وقد تابعه على ذلك عدد كثير من الصحابة رضي الله عنهما، بحيث يحصل من رواية جميعهم وأسانيدها المتصلة إلينا التواتر المفيد للعلم القطعي بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
841- وممن رواه في ((الصحيحين)) أيضا أو أحدهما أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري وصهيب وأنس بن مالك، وروي في غير ((الصحيحين)) من طريق أبي بكر وعلي وابن عمر، .. .. ..
पृष्ठ 537