كتاب الأربعين حديثا فيما ينتهي إليه المتقون ويستعمله الموفقون
وينتبه به الغافلون ويلازمه العاقلون
مخرج من سماعات الرئيس أبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد الثقفي.
رواية الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي الأصبهاني عنه.
رواية الشيخين أبي الحسن علي بن هبة الله المعروف بابن الجميزي.
وأبي مدين شعيب بن يحيى بن أحمد ابن الزعفراني عنه.
رواية للشيخ رضي الدين أبي أحمد إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم الطبري المكي عنهما.
رواية الشيخ عفيف الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النشاوري عنه.
पृष्ठ 151
بسم الله الرحمن الرحيم
पृष्ठ 153
أخبرني شيخنا الحافظ الناقد العلامة موفق الدين أبو ذر أحمد بن الحافظ الجهبذ برهان الدين أبي الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل المحدث الحلبي بقراءتي عليه قال: أخبرنا عدة من شيوخنا منهم والدي والشريف عبد اللطيف بن محمد الحسني الحنبلي وغيرهما إجازة عن عفيف الدين عبد الله بن شمس الدين محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري المكي سماعا لبعضهم وإجازة إن لم يكن سماعا للبعض قال: أخبرنا الإمام العلامة رضي الدين أبو أحمد إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الطبري المكي إمام المقام قال: أخبرنا الشيخان الأجلان الإمام الأوحد بقية السلف فخر الخلف بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي المعروف بابن الجميزي قراءة عليه وأنا أسمع في سابع شهر صفر سنة 646 بمكة المشرفة تجاه الكعبة المعظمة بقراءة الإمام الأوحد قطب الدين محمد بن أحمد القسطلاني والشيخ الأجل الصالح المعمر رشيد الدين أبو مدين شعيب بن يحيى بن أحمد ابن الزعفراني قراءة عليه وأنا أسمع في مجلسين آخرهما يوم الجمعة السادس من ذي القعدة سنة 644 بالمسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة بحق سماعهما على الإمام الأوحد الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني قال: أخبرنا الشيخ الإمام الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي قراءة عليه وأنا أسمع في جمادى الأولى سنة 488 بانتخاب أبي نعيم عبيد الله بن الحسن بن أحمد الحداد قال:
[بسم الله الرحمن الرحيم]، الحمد لله ولي النعم والإحسان، ومولى الهداية والإيمان، خلق العباد لمنزلتين أهل طاعته للجنان، وأهل معصيته للجحيم والنيران، فأثاب المتقين محل الرضوان، وجعل مصير الجاحدين إلى دار الخزي والهوان، وكلا الحكمين عدل من الملك المنان، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فالطاعة بتوفيقه وامتنانه، والمعصية بحكمه وخذلانه، جعلنا الله تعالى من أهل مغفرته، وجمع بيننا وبين من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار نعمته بفضله ورحمته [آمين].
أما بعد.
पृष्ठ 154
فقد سبق جماعة من أصحاب الحديث إلى تخريج أحاديث الأربعين من أصولهم وسماعاتهم رجاء منفعتهم وبركاتهم للحديث الذي حدثناه أبو أحمد عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الكرجي [قال:] أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري [قال:] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار [قال:] حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد الخندقي وكان له حفظ قال: حدثنا محمد بن إبراهيم السائح حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)).
[و] حدثنا أبو عبد الله سفيان بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن حسنكويه قراءة عليه سنة خمس وأربعمائة أخبرنا أبو القاسم منصور بن جعفر الصيرفي البغدادي بها قال: حدثنا عبد الله بن سليمان -وهو ابن أبي داود السجستاني- قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا حاتم عن شعيب بن سليمان السلمي عن إسماعيل بن أبي زياد عن معاذ ابن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
पृष्ठ 155
((من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة عالما فقيها)).
واختلفت أقوالهم [فيه] فبعضهم ذهب إلى أنها أحاديث في الأحكام لمراتب الحلال والحرام.
وبعضهم ذهب إلى أنها أحاديث صحيحة خارجة عن الطعن والجرح سليمة.
وبعضهم [ذهب] إلى أنها أحاديث على مذاهب المتصوفة، مما يتعلق بآداب النفس والمعاملة.
وكلها عين الصواب، والمرجع فيه إلى حقيقة يقين العبد وما أعد الله -عز وجل- لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب، وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليها بجد واجتهاد، وقام به بمعرفة ورشاد نال من الله تعالى ما وعده عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم المعاد.
पृष्ठ 156
وبعضهم ذهب إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين، وتوافق حال المتبصرين من أهل المعرفة واليقين، وصارت هذه الطريقة أحسن الطرق لا سيما في هذا الزمان، إذ صارت بها أليق؛ وبحال أهله أوفق لمعاملاتهم الفاسدة، وأرائهم المختلفة، وخياناتهم الفاشية، وأحكامهم الباطلة، فواحد يستحل مال الغير، وآخر يرغب عن اكتساب الخير، وبعضهم يأكل بالمغيب لحم أخيه، ويتتبع معايب صاحبه وينسى العيب الذي هو فيه، يبصر القذى في عين أخيه ويترك الجذل المعترض في عينه.
पृष्ठ 157
وفي الجملة لقد صرنا إلى زمان من نجا [فيه] برأسه فقد ربح فلما كانت هذه من أحوالهم، وصارت من عادات رجالهم، صدقت رغبة جماعة من أهل الورع واليقين في جمع أحاديث الأربعين في المواعظ وغيرها من مكارم الأخلاق على مذاهب المتقين، فأجيبوا إلى ملتمسهم رجاء المنفعة والبركة من الله تعالى والمغفرة، وأن يمن علينا بالهداية والتبصرة، وأخرجنا أربعين بابا عن أربعين شيخا لقيناهم وسمعنا منهم الحديث بمكة وغيرها حضرا وسفرا في كل باب حديثا أو حديثين أو ثلاثة مما يتعلق بالمواعظ والنواهي، جعلنا الله ممن يتبع أمره، ويقفو أثره، ولا جعله علينا وعلى من سمعه وبالا بفضله ورحمته آمين رب العالمين.
पृष्ठ 158
الباب الأول: في حقيقة أصل الإيمان، وبيان ما أوجب الله تعالى
على عباده بأوضح الحجة والبرهان، ثم الكشف عما أعد الله تعالى من الثواب لأهل المعرفة والإيقان.
وهذا الباب يشتمل على أحاديث خرجناها وجعلناها أصلا في الباب وهو المقصود الأعظم في الكتاب بدأنا أولا بالشيخ الذي لقيناه بمكة لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة:
((إنك لخير بلاد الله، وإنك لأحب أرض الله إلي ولولا أني خرجت منك كارها ما خرجت)).
पृष्ठ 159
فالأصل الأول ما حدثناه أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء المصري بمكة -حرسها الله تعالى- قراءة عليه سنة اثنتي عشرة وأنا أسمع قرأ عليه أبو القاسم القشيري قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمود بن أحمد الشمعي قال: حدثنا خلف بن عمرو أبو محمد العكبري قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: أخبرني عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك؟.
قال: ((لقد ظننت أن لا يسألني عنها أحد غيرك لما رأيت من حرصك على الحديث، شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله)).
صحيح من حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب انفرد به البخاري فرواه في ((كتاب العلم)) عن عبد العزيز بن عبد الله عن سليمان بن بلال.
पृष्ठ 160
وفي ((صفة الجنة)) عن قتيبة بن سعيد عن إسماعيل بن جعفر كلاهما عن عمرو بن أبي عمرو.
فبدأنا بهذا الحديث لأن عليه مدار الإسلام، وعليه تترتب أحكام الحلال والحرام، ولا يوفق للاتعاظ والانزجار إلا من أهل لمعرفة الله تعالى ورزق الإخلاص في العمل والأذكار، هذا والواجب على العبد الموفق إذا أحكم طريقة الإخلاص أن يقبل على ما حدثنا ابن نظيف بمكة قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد الحداد التنيسي إملاء بمصر قال: حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن العلاء قال: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر قال: حدثنا يحيى بن أبي المطاع عن العرباض بن سارية السلمي قال:
وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات غداة موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! إنك وعظتنا موعظة مودع فاعهد إلينا قال:
((عليكم بتقوى الله -عز وجل- والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا وسيرى من بقي من بعدكم اختلافا شديدا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم والمحدثات فإن كل بدعة ضلالة)).
पृष्ठ 161
غريب من هذا الطريق، ومشهور من حديث أبي عاصم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن عمرو عن العرباض.
पृष्ठ 163
وما أقرب هذا الحديث من أحوال أهل هذا الدهر تعلق به أحكام ومواعظ من النهي والأمر، من السمع والطاعة لكل أمير أو وال وإن كانت الإمارة والولاية لعبد حبشي واتباع سنة الخلفاء والصحابة وترك الاختلاف لظهور البدعة والضلالة، ولا يوفق لاستعمال هذا الحديث إلا أهل التبصرة واليقين، [ومن أيد بنور المعرفة والدين، ثم إذا أحكم العبد في دينه وإخلاصه طريقة الاتباع دون الابتداع فليقبل على ما حدثناه ابن نظيف بمكة حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية البغدادي أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأبو بكر عبد الرحمن بن القاسم الرواس قالا: حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني حدثني الحبيب الأمين أما هو إلي فحبيب وأما هو عندي فأمين عوف ابن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسعة أو ثمانية -وفي حديث ابن الرواس سبعة أو ثمانية أو تسعة- فقال: ألا تبايعون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرددها ثلاث مرات فقدمنا أيدينا فبايعناه فقلنا: يا رسول الله! قد بايعناك فعلام نبايعك؟ وعلام ذا نتابعك، فقال:
((أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس -وأسر كلمة خفية- لا تسألوا الناس شيئا)).
قال: ولقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه فلا يسأل أحدا يناوله [إياه])).
حديث كبير صحيح من حديث سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد انفرد به مسلم فرواه في ((كتاب الزكاة)) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وسلمة بن شبيب عن مروان الدمشقي عن سعيد.
واسم أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله، واسم أبي مسلم عبد الله بن ثوب.
पृष्ठ 164
كرر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعوته الأصحاب ثلاثا حرصا منه على استعمالهم لسنته فدعا إلى أن يعبدوا الله حق عبادته، وإلى المواظبة على الصلوات الخمس، والمحافظة على ذكر الله تعالى وإقامته، ثم أسر كلمة خفية علم أن لا يقوى عليها إلا الخواص من صحابته، فقال: لا تعرضوا لحطام الناس ولا مسئلته، فإذا حقق طريقة الأوامر، والكف عن الزواجر فليستعمل ما حدثناه ابن نظيف بمكة حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق الرازي حدثنا هارون بن عيسى بن ملوك حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم)).
حديث كبير صحيح من حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب انفرد به مسلم فرواه في ((المغازي)) عن إسحاق بن إبراهيم وزهير بن حرب عن عبد الله بن يزيد به.
واسم أبي سالم سفيان بن هانئ الجيشاني.
والإمارة والولاية ليستا من أعمال الصديقين ولا من أحوال المتقين، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر عن الإمارة مخافة الندامة، وعن الولاية حذر الخيانة ثم إذا أحرزها بين الدرجتين فليزح أيامه فيما حدثنا ابن نظيف بمكة حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر الرافقي إملاء حدثنا حفص بن عمر -يلقب سنجة- أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((ما من رجل يسلك طريقا يطلب فيه علما إلا سهل الله تعالى له به طريقا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه)).
पृष्ठ 165
صحيح من حديث أبي محمد سليمان بن مهران الأعمش عن أبي صالح ذكوان الزيات انفرد به مسلم فرواه من حديث أبي معاوية الضرير وعبد الله بن نمير وأبي أسامة حماد بن أسامة كلهم عن الأعمش.
पृष्ठ 166
أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن طلب العلم هو السبيل الذي يتوصل به إلى الدرجة العظمى، ومنازل أهل التقى والنهى، وأن من لم يوفق لاستعمال علمه وأدبه لا ينتفع يوم القيامة بكرم حسبه ونسبه، ثم إذا تحققت له هذه الأصول التي أشرنا إليها ليقف العاقل عليها من الإخلاص في النية والأعمال والأذكار، والمحافظة على اتباع السنن والآثار، وإقامة فرائض الله تعالى وطلب العلم ساعات الليل والنهار، فحكمه ما حدثناه ابن نظيف بمكة -حرسها الله تعالى- أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن] بن إسحاق بن عتبة الرازي إملاء حدثنا بكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي أخبرنا أبو صالح -واسمه عبد الله بن صالح- حدثني معاوية بن صالح عن صالح بن جبير أنه قال: قدم علينا أبو جمعة الأنصاري -رضي الله عنه- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت المقدس ليصلي فيه ومعنا رجاء بن حيوة يومئذ فلما انصرف خرجنا معه لنشيعه فلما أردنا الانصراف قال: إن لكم علي جائزة وحقا أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فقلنا: هات يرحمك الله فقال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معناه معاذ عاشر عشرة، قال: فقلنا: يا رسول الله! هل من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك، قال:
((ما منعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء، بلى قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب الله بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا، أولئك أعظم منكم أجرا)).
أبو جمعة الأنصاري اسمه: حبيب بن سباع.
ويقال: جنيد بن سباع.
पृष्ठ 167
ووقع لنا عاليا ما كتبناه إلا من حديث صالح بن جبير عنه.
أخبر -عليه السلام- أن من اتبع القرآن ومواعظه حالة الفترة، واقتفى العلم والسنة عند ظهور البدعة لا يقصر حاله عن حال الصديقين، ولا تنزل درجته عن درجات الصحابة والتابعين، وهذا باب كبير يجمع معظم أحوال المتعظين، وينبئ عن حقائق المتقين، [و] فيه كفاية لمن تبصره واسترشده، وعرف معانيه وحققه، وجميع ما يأتي بعده يتفرع على ما قدمناه، وينبئ عن الأصل الذي بيناه إلا أنا أردنا زيادة بيان، رجاء تبصرة وتبيان، [والله أعلم].
पृष्ठ 168
الباب الثاني: في بيان صفة الأولياء وحقيقة حالة العلماء.
حدثنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر [بن سعدان] الحفار ببغداد مدينة السلام قراءة عليه وأنا أسمع سنة ثلاث عشرة [قال:] أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان حدثنا أبو حاتم الرازي أخبرنا محمد بن يزيد بن سنان حدثنا عبد الله بن حدير عن أبي واصل عن أبي سهل -قال أبو حاتم: وهو كثير بن زياد- عن الحسن عن عمران بن حصين قال:
جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بني هاشم ذات يوم فقال لهم:
(([يا بني هاشم إني لا إغني عنكم من الله شيئا]، يا بني هاشم إن أوليائي منكم المتقون، يا بني هاشم اتقوا النار ولو بشق تمرة، يا بني هاشم لا ألفينكم تأتون بالدنيا تحملونها على ظهوركم، ويأتي الناس بالآخرة يحملونها)).
पृष्ठ 169
حديث الحسن هذا عن عمران تفرد به محمد بن يزيد بن سنان عن عبد الله بن حدير، وأبو سهل هذا قيل: هو محمد بن عمرو الأنصاري.
هكذا أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) فرواه عن أحمد بن زهير التستري عن أبي حاتم.
وعلم من موجب الخير أن أولياء الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- هم المتقون من العلماء الذين استعدوا لقبورهم ونشورهم لا أصحاب الدنيا وحطامها الذين جعلوا الآخرة خلف ظهورهم إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر خيار أصحابه ومن هم أقرب الخلق إليه بهذا لا غير [والله أعلم].
पृष्ठ 170
الباب الثالث: في ذكر ما أوجب الله تعالى على العباد، أن
يستعملوه عند ظهور الفتن في البلاد، وهو أن يشتغل العبد بما يعنيه، ويطلب ما فيه سلامة دينه يوم يفر المرء من أخيه.
لما حدثناه أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله ابن بشران ببغداد حدثنا أبو جعفر محمد ابن عمرو بن البختري قال: حدثنا محمد بن عبيد الله حدثنا روح بن عبادة حدثنا عثمان الشحام حدثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبي بكرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
((ستكون فتن ثم تكون فتنة الماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا وإن القاعد فيها خير من القائم فيها ألا وإن المضطجع فيها خير من القاعد فإذا نزلت فمن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ألا ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، ألا ومن كانت له إبل فليلحق بإبله)).
فقال رجل من القوم: يا نبي الله جعلني الله فداك أرأيت من ليس له غنم ولا أرض ولا إبل كيف يصنع؟.
قال:
((فليأخذ سيفه ثم ليعمد به إلى صخرة ثم ليدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاة. اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت)).
पृष्ठ 171
إذ قال رجل: يا نبي الله! جعلني الله فداك أرأيت أن أخذ بيدي حتى يكون ينطلق بي إلى أحد الصفين أو أحد الفريقين -عثمان شك- فيحذفني رجل بسيفه فيقتلني فماذا يكون من شأني؟.
قال: ((يبوء بإثمك وإثمه فيكون من أصحاب النار)).
حديث صحيح من حديث أبي سلمة عثمان الشحام البصري عن مسلم بن أبي بكرة.
واسم أبي بكرة نفيع بن الحارث.
انفرد به مسلم فأخرجه من حديث حماد بن زيد ووكيع وابن عدي عن عثمان الشحام.
وهذه صفة المؤمن الذي لا يتعرض للفتن، ولا يجعل دينه عرضا للبلايا الحادثة لا سيما في هذا الزمن.
نعم وكيف ينبغي للمؤمن أن يتعاطى هذا أو يغل وهو لا يغفل عنه، أو يعمل ما لا نفع له فيه من قول أو فعل يبدر منه، وقد وكل به من يحصي أنفاسه، ويحفظ كلامه، قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، وقد حدثنا علي بن محمد بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار أخبرنا محمد بن عبيد بن عتبة الكندي أخبرنا عثمان بن سعيد أخبرنا يحيى بن يعلى عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
पृष्ठ 172