إن الدين الأبدي، الذي رسمت خطوطه العريضة في هذه الصفحات، أمر معقول يقوم على أساس علمي، وليس مهربا للإنسان أو منافيا لروحه الاجتماعية. وقبول هذا الدين يحل كثيرا من مشكلاتنا التي يئسنا منها، ويعود بالسلام على أولئك الذين حسنت نياتهم.
وهذه هي الفلسفة الشخصية التي بلغتها بطرق ومسالك مختلفة، وهي فلسفة انتفعت بها في أشد المحن، في صحتي ومرضي، وفي نصري وهزيمتي. وقد لا يكون مقدرا لنا أن نشهد سيادة الإيمان، ولكن من المقدر لنا أن نجاهد في سبيل سيادته. ⋆
المصادر ⋆
كل المختارات من مقال رادا كرشنان الذي نشره تحت عنوان «ديانة الروح وحاجات الدنيا» (وهي مقتطفات من اعترافاته، مقتبسة من مجلد فلسفة سارفيبالي رادا كرشنان) في مجموعة «مكتبة الفلاسفة الأحياء» التي جمعها بول آرثر شلب.
الجزء الثالث
مختارات من الفلاسفة الإنسانيين
الفصل العاشر
جان بول سارتر
(1905م-...)
إن سارتر يبشر في عزم مصمم بفلسفة صاغها خاصة للأزمة التي نعانيها في عصرنا هذا. وهذا الوجودي الفرنسي صاحب الشهرة العالمية، الذي أمسى اليوم أديبا محترفا، كان أستاذا للفلسفة، وكاتبا من كتاب المسرحية والرواية، وأحد الوطنيين الفرنسيين في حركة «المقاومة» التي قامت في أثناء احتلال فرنسا في الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من أنه يرث التقاليد التي انبثقت من كركجارد، فإن «وثبة الإيمان» عنده لا ترتفع إلى درجة يبلغ بها الله. وهو ملحد صراحة وعقلا؛ ومن ثم فهو يقبل المشكلة التي أثارها دستويفسكي، وهي أنه إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء ممكن، ويضيف إلى ذلك ما يترتب على هذا القول، وهو أنه إذا كان الله موجودا فلن يغير من أمر الإنسان شيئا. أما الإنسان نفسه فهو عبارة عن «هوى لا يجدي»، لا يستطيع أن يفهم وجوده ذاته، معزول، ضعيف، ينفر من انعدام المعنى في كل شيء في الوجود الظاهري، ومن العدم المؤلم لذاته التي لا مبرر لها ولا يعرف لها حدودا؛ ومن ثم فإن الإنسان ليس «إلا ما يصنعه بنفسه». وهذا هو المبدأ الأول من مبادئ الوجودية. وبهذه المعرفة يعتقد سارتر أن الإنسان بوسعه أن يستعد لإلزام نفسه ب «عمل ما»، كما يعتقد أنه على وعي تام بحريته في اختيار القيم التي يريد. وما دامت حرية الإنسان مطلقة لا جذور لها، فهي حالة غامضة، تبعث على الفزع كما تبعث على التحرر في آن واحد.
अज्ञात पृष्ठ