علم الله ما هو بمظلوم، لقد أراد قتل بريء!
ويجلس سيد في الحقل، وينظر إلى القمر، ويقص عليه القصة كلها، ثم يرفع يديه متمتما للسماء: أحمد الله ... أن حسانا لم يعرف ما جنته ابنته؛ لقد مات قبل أن يعرف! •••
وينقشع الضباب!
حيث انتهى الأبطال
إنك تعرف - بلا شك - غادة الكاميليا وقصتها الرائعة الدامية، هذه الغانية الفاتنة كانت مريضة بالسل حين أحبها أرمان دوفال أصدق من عشقها بين عشرات الذين عرفتهم، وتعرف كيف نما الحب بينهما نمو المرض في جسدها اللدن، وكيف تعثر هذا الحب تعثر الأنفاس في صدرها الملتهب، وكيف بلغت في غرامها ومرضها أوفى غاية، فضحت بقلبها على مذبح الحب، وبحياتها على مذبح المرض ... فكانت نهاية البطلين التي رسمها ديماس، كما رسمت علامة الصليب على قبر ذات الكاميليا في باريس!
عند النهاية المروعة، وحيث نما الحب والمرض معا في بدن غادة باريس، عند هذه النهاية بدأت قصته معها في الإسكندرية ... لقد لقيها ذات مساء على الشاطئ تسير في صحبة ثلاثة، عرف في إحداهن ابنة عمه، وكان شابان يلحان عليهن في مغازلة عنيفة تثير الأعصاب، فتقدم نحوهما معاتبا في خشونة، وكاد يشتبك معهما في عراك لولا أن اقتربت الفتيات الثلاث منه، ونادته ابنة عمه باسمه، ففر الشابان خشية الفضيحة ... وهكذا بدأ التعارف بينهما. كان اسمها الاسم الثاني الذي تفوهت به ابنة عمه، وهي تقدمه إلى صديقتيها؛ منيرة صفوت.
وساروا جميعا على الشاطئ، وقالت ابنة عمه: الحمد لله الذي بعث بك الآن، لقد تبعنا هذان الوغدان من الشاطئ إلى هنا، ونحن نسرع عسى أن ييأسا من ملاحقتنا، ولا فائدة. وقالت صديقتها الأولى: نحن لا نعرف كيف نشكرك!
والتفتت إلى منيرة قائلة: مسكينة منيرة، ضروري تعبت من المشوار؛ لقد غادرت الفراش بالأمس فقط.
ووجد نفسه يسأل: هل كانت مريضة؟
وأومأت منيرة برأسها، وردت ابنة عمه: كانت تشكو البرد، لكن الحمد لله، إنها اليوم أحسن بكثير، ودار الحديث عن منيرة، وساهمت هي فيه بهمس خفيف كان يسمعه متلهفا، وارتسمت في رأسه صورة لحياة فتاة ضعيفة البنية، يسرف المرض في زيارتها ... وبدت أمام عينيه، وهي تخطر قريبا منه بجسمها الضامر ووجهها الرقيق، وعينيها الجميلتين البراقتين ...
अज्ञात पृष्ठ