وخر الحب صريعا على يد مأذون القرية في يوم أغبر!
وخر مصطفى صريع الحمى بضعة أيام، ثم عاودته العافية.
وأخذت ذكراه تنسحب رويدا رويدا، حتى ضاعت في أفراح ليلتين هائلتين، شملت مصطفى فيهما السعادة، واحتوته بين أحضانها، الليلة الأولى حين تزوج ثريا، والليلة الثانية حين أنجب أول أبنائه محمود.
وقال حامد متمما الحديث: ثم مرت الأعوام، وها هو الحب يعود أقوى مما كان ...
وثار سعيد قائلا: ألا زلت تسميه حبا؟! إن الحب الذي تصرعه محنة في عنفوان الشباب لا يعود! إنك واهم إن تصورت في قلبه متسعا للحب بعد أن ملأته زوجته وأولاده.
قال حامد: إنك لا تعرف ماذا يريد أن يفعل! إنه يريد أن يترك زوجته وأولاده ويتزوجها! - وهي؟! - المصيبة أنها تشاركه الرأي، وتريد أن تقدم على نفس التصرف! •••
ومضى الحديث بيننا، ولم يكن لدينا أهم من هذا الموضوع. لقد كان مصطفى حبيبا إلى قلوبنا جميعا، وكان يسوؤنا أن تتعرض حياته العائلية لمثل هذه الصدمة العنيفة. وما زلت أذكر إلى الآن كيف كان إصرار سعيد على أن ذلك التطور في حياة مصطفى لم يكن حبا، بل شيئا آخر، شيئا أقوى من الحب، حتى كان أمس، حين لقيت سعيد؛ كنت أعبر الشارع حين استوقفني صوته يسألني: أين أنت يا رجل؟ كنا في سيرتك أنا ومصطفى امبارح. - وكيف حاله؟ وحال زوجته الجديدة؟
وقال سعيد مدهوشا: لم تعرف ما حدث إذن؟! لقد طلقها منذ أيام، بعد شهرين من الزواج!
وقلت متأثرا: أكنت تتوقع هذا المصير؟
فأجاب مسرعا: بل لم أكن أتوقع غيره! أتذكر ماذا كان رأيي حين سمعنا بما حدث؟ إذا كنت تذكره فلعلك تدرك صدق فراستي؛ إن كل ما حدث أنه كان يريدها؛ يريدها لأنه الشيء الذي لم ينله يوم تمناه، لقد كانت رغبة جامحة، تسللت تحت ستار الحب، رغبة أقوى من الحب!
अज्ञात पृष्ठ