Aqeedah of Loyalty and Disavowal - Al-Muqaddim
عقيدة الولاء والبراء - المقدم
शैलियों
أدلة الكتاب والسنة على أن الولاء والبراء من صميم عقيدة التوحيد
الولاء والبراء من أعظم لوازم ومقتضيات كلمة لا إله إلا الله، قال الله ﷿: ﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران:٢٨]، ويقول ﷿: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران:٣١ - ٣٢].
ويقول ﷿ مبينًا حقيقة أعداء الله من اليهود والنصارى ومن عداهم من المشركين: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء:٨٩]، معلوم أن الإنسان أحيانًا يكون إنسانًا فاسدًا، أو مستغرقًا في الشهوات والفساد وهو يعلم أن هذا فساد؛ لكن تجد الفاسد يحب أن يفسد غيره، فيكونون سواء في هذا الفساد، فتجده فاسدًا في نفسه، ومفسدًا لغيره حريصًا على إفساده، فهذا من مرض القلب، فالله ﷾ الذي يطلع على قلوب هؤلاء الكفار، يخبر عما في قلوبهم فيقول: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
ويقول ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:٥١]، ويقول ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ [المائدة:٥٤].
أما الأحاديث فمنها: ما رواه الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي ﵁: (أن رسول الله ﷺ بايعه وقال له: أن تنصح لكل مسلم، وتبرأ من كل كافر)، كان جرير ممن بايعوا النبي ﷺ بيعة خاصة على النصح لكل مسلم، وعلى أن يبرأ من كل كافر، حتى كان الرجل إذا أراد جرير أن يشتري منه شيئًا، أو باع له سلعة بسعر، وهو يرى أن السعر يستحق أكثر من ذلك، فيراجعه ويعطيه السعر الأغلى عملًا بهذا الحديث، حتى لو كان هو المشتري، فيزيد البائع لو علم أن السلعة تستحق أكثر من الثمن الذي طلبه البائع.
وروى ابن أبي شيبة بسنده قال: قال رسول الله ﷺ: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله).
وروى الطبراني في الكبير عن ابن عباس ﵄، أن رسول الله ﷺ قال: (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله).
وعن ابن عباس ﵄ قال: (من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك).
إذًا هذه الأمور من أعظم ما تحصل به مرتبة ولاية الله ﷾: (من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله؛ فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئًا).
قول ابن عباس ﵄: (ووالى في الله) هذا بيان للازم المحبة في الله؛ لأنه بدأ بقوله: من أحب في الله وأبغض في الله، والتطبيق العملي للحب القلبي أن يوالي في الله وأن يعادي في الله ﷾، فهذا فيه إشارة إلى أن مجرد الحب لا يكفي؛ بل لا بد مع ذلك الحب القلبي من الموالاة باطنًا وظاهرًا؛ لأن هذه هي لوازم المحبة، وهي النصرة والإكرام والاحترام وأن يكون مع المحبوبين باطنًا وظاهرًا.
وقوله: (وعادى في الله) هذا أيضًا لازم البغض في الله، وهو المعاداة فيه، أي: إظهار العداوة بالفعل والجهاد لأعداء الله، والبراءة منهم، والبعد عنهم باطنًا وظاهرًا، وهذا إشارة من ابن عباس ﵄ إلى أنه لا يكفي مجرد البغض؛ بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه، كما قال الله ﷿: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة:٤].
فالولاء في الله: هو محبة الله، ونصرة دينه، ومحبة أوليائه ونصرتهم، والبراء هو بغض أعداء الله ومجاهدتهم، وعلى ذلك جاءت تسمية الشارع الحكيم للفريق الأول: بأولياء الله، وسمى الفريق الثاني: أولياء الشيطان، فقال ﷿: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة:٢٥٧]، وقال ﷿: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ﴾ [النساء:٧٦].
إن أعداء الله تعالى يريدون بكل ما أوتوا من قوة أن يقضوا على هذا الأصل العظيم من أصول الإسلام، فنجد الملحدين واليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم من أعداء الله يريدون تغيير عقيدة المسلمين وتجريد شخصيتهم؛ حتى ينفذ مخططهم في جعلهم حميرًا للشعب المختار؛ لأن اليهود يعتقدون أن كل الأمم عندهم عبارة عن حمير خلقوا ليستخدمهم اليهود كالحمير؛ لأنهم شعب الله المختار -زعموا- كما نصت على ذلك بروتوكولات حكماء صهيون.
لقد طارت الدعوات الملحدة والمشبوهة لتقضي على هذا الأصل الأصيل، فنادى قوم بالأخوة وبالإنسانية والمساواة، وأن الدين لله، والوطن ليس لله، ويعبرون عنه بقولهم: الدين لله والوطن للجميع، والله يقول: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [آل عمران:١٨٩].
هذه الأدلة التي أسلفناها من الكتاب والسنة توضح أن الولاء والبراء من لوازم لا إله إلا الله، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي: ألا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله، ولا يوالي إلا لله، ولا يعادي إلا لله، وأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله، ويوالي المؤمنين بأي مكان حلوا، ويعادي الكافرين ولو كانوا أقرب قريب.
1 / 6