कॉप्ट और मुस्लिम: अरबी विजय से लेकर 1922 तक

जैक्स ताजिर d. 1371 AH
89

कॉप्ट और मुस्लिम: अरबी विजय से लेकर 1922 तक

أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م

शैलियों

42

وإلينا مثل آخر «كان رأس القديس مرقس الإنجيلي موضوعا في الإسكندرية، في منزل أبي يحيى بن زكريا، فلما مرض يحيى مرضه الشديد، خشي عشرة من النصارى - في حالة موته - أن توضع ممتلكاته وأمواله تحت الحراسة، وأن تقع هذه الذخيرة المقدسة بين أيدي المسلمين، فما كان منهم إلا أن نقلوا الصندوق الذي كان يحوي رأس القديس إلى منزل أبي الفتاح والد المؤرخ الذي أتم تاريخ البطاركة، ولكن سبق أن ذاق أبو الفتاح هذا نير الاضطهاد والتغريم، فخشي أن يغضب عليه الخليفة ورفض حفظ هذه الوديعة لديه، وعندئذ نقل الرأس عند «سرور» الذي كان يسكن أمام أبي الفتاح، فلما بلغ الوزير الخبر، أمر بإلقاء القبض على أبي الفتاح وعلى جميع النصارى الذين اشتركوا في نقل الصندوق، وحتم «كوكب الدولة» محافظ الإسكندرية، أن يعاد إليه رأس القديس مرقس ومبلغ العشرة آلاف دينار التي كانت مع الرأس، ونجح المتهمون في نيل الإفراج عن أنفسهم ما عدا أبا الفتاح الذي أرسل إلى الفسطاط حيث اعتقلته السلطات ليضطر إلى دفع المبلغ الذي حدده المحافظ، وبعد مضي ثلاثة أيام، أطلق سراح أبي الفتاح بعد أن دفع مبلغ ستمائة دينار فقط.».

وهناك حوادث أخرى تثبت عدم اهتمام اليازوري ورجاله بالأقباط، يحدثنا في هذا الشأن صاحب تاريخ البطاركة، فيقول: «إن أبا الحسين الصيرفي، الذي شغل عدة وظائف، ومنها وظيفة قاضي الإسكندرية، عين آخر الأمر رئيسا لمجلس العقود، وحدث أن مر بمدينة «دمرو» مقر البطاركة، فادعى أنه لم يحط بالإجلال والاعتبار المناسبين لمركزه، فكتب إلى الوزير خطابا وجه فيه شتى الاتهامات ضد البطريرك، وذكر فيه أن «دمرو» أصبحت قسطنطينية أخرى؛ إذ يوجد فيها سبع عشرة كنيسة معظمها حديثة البناء، هذا فضلا عن عدد كبير منها بنيت حديثا في القرى المحيطة بالمدينة، وقد بنى البطريرك لنفسه قصرا نقش عليه عبارات مهينة للديانة الإسلامية.»، وختم القاضي خطابه مقترحا على الوزير أن يغلق كل الكنائس وأن يأمر بهدم تلك التي بنيت حديثا، وأن يعمل خاصة على إلزام النصارى بدفع مبالغ كبيرة في الحال، فأمر الوزير اليازوري بناء على هذا الخطاب، بإغلاق الكنائس في جميع أنحاء مصر، ونفذ نصر الدولة، محافظ مصر السفلى، الأمر، فألقى البطريرك والأساقفة في السجن، وحتم على النصارى أن يدفعوا عشرة آلاف دينار.

43

وقد مد المسلمون يد المساعدة أحيانا إلى الأقباط الذين لم يكونوا يتوقعون ذلك ممن ناصبهم العداء ردحا من الزمن، لقد ذكرنا قصة عبد الدولة الذي أفرج عن البطريرك بعد أن اقتنع ببراءته، ويبدو أن «حصن الدولة» كان أكثر غيرة منه على حماية الأقباط، فلما أمر الوزير بإغلاق كنائس الإسكندرية ومصادرة كل ما فيها من نفائس، وفرض غرامة على نصارى المدينة تبلغ عشرة آلاف دينار، ما كان من هذا الحاكم إلا أن أرسل في طلب «موهوب» مؤرخ سيرة البطاركة، وعمه «صدقه» الذي كان يعمل تحت إمرته، وقال لهما: «هذا كتاب يخصكما، إنه يحوي أوامر يجب أن أضعها موضع التنفيذ غدا، فاذهبا في الحال وجردا كنائسكم سرا من الأواني والحلي وكل ثمين فيها.»

44

إلا أن أحد الرهبان - كما كان يحدث ذلك عادة في مثل هذه الأحوال - وشى بالبطريرك انتقاما منه؛ لأنه لم يرفعه إلى درجة أسقف.

ثم إن الفوضى التي عمت البلاد بعد وفاة اليازوري، حالت بين النصارى وبين تحسين حالتهم، ولقد انتهز رجال قبيلة البربر المعروفة باسم «اللواتة» فرصة هزيمة جيش المستنصر أمام قوات القائد التركي نصر الدولة، فألقوا القبض على البطريرك خريستودولوس، وبعد أن ذاقوه ألوان العذاب، نهبوا منزله، فأسرع أبو الطيب الزراوي، كاتم سر نصر الدولة، يرجوه أن يفاوض اللواتة ففعل وتمكن من إطلاق سراح البطريرك بعد أن دفع فدية قدرها ثلاثة آلاف دينار،

45

غير أن هذا الاتفاق لم يضع حدا لأعمال السلب التي كانت تقوم بها هذه القبيلة، فقد اجتاحت مصر السفلى ونهبت أديرة وادي حبيب، وقتلت معظم رهبانها وفرقت شمل الباقين.

अज्ञात पृष्ठ