कॉप्ट और मुस्लिम: अरबी विजय से लेकर 1922 तक
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
शैलियों
ويحدثنا المؤرخون المسلمون على أن المأمون، حينما وصل إلى مصر، عنف الوالي عيسى بن منصور تعنيفا شديدا وعزله قائلا: «لم يكن هذا الحادث العظيم إلا عن فعلك وفعل عملك، حملتم الناس ما لا يطيقون وكتمتوني الخبر حتى تفاقم الأمر واضطربت البلاد.».
86
وعلى الرغم من نصائح رجال الأكليروس المتلاحقة، رفض البشموريون التسليم، فلم يكن من المأمون إلا أن سحقهم سحقا وقتل عددا كبيرا منهم، ثم أرسل في طلب رؤسائهم «وأمرهم أن يغادروا هذه البقعة غير أنهم أخبروه بقسوة الولاة المعينين عليهم، وأنهم إذا غادروا بلادهم لن تكون لهم موارد للرزق؛ إذ إنهم يعيشون من بيع أوراق البردي وصيد الأسماك، وأخيرا رضخوا لأمره وسافروا على سفن إلى أنطاكية حيث أرسلوا إلى بغداد
87
وكان يبلغ عددهم ثلاثة آلاف مات معظمهم في الطريق، أما الذين أسروا في أثناء القتال، فقد سيقوا عبيدا ووزعوا على العرب، وبلغ عدد هؤلاء خمسمائة فأرسلوا إلى دمشق وبيعوا هناك.».
88
واستطاع المأمون أن يطفئ جذوة الثورة الوحيدة المستقرة في البلاد، وكتب المقريزي في هذا الشأن: «ومن حينئذ أذل الله القبط في جميع أراضي مصر وخذل شوكتهم فلم يقدر أحد منهم على الخروج ولا القيام على السلطان، وغلب المسلمون على القرى فعاد القبط بعد ذلك، إلى كيد الإسلام وأهله بأعمال الحيلة واستعمال المكر وتمكنوا من النكاية بوضع أيديهم في كتاب الخراج.».
89
ويجدر بنا أن نذكر هنا أنه بينما كان البشموريون يقاتلون قتال اليائس في ثورتهم الأخيرة التي يخرج منها المقريزي بنتائج عن جانب عظيم من الخطورة، لم يسجل المؤرخون أية ثورة للأقباط في أية بقعة أخرى من القطر، والواقع أن الأقباط لم يلجئوا بعد ذلك إلى أسلوبهم القديم، كما يقول المقريزي؛ لأنهم لم يكن لديهم أبدا غير هذا الأسلوب، ولما قامت الثورات، اشترك فيها الأقباط بتشجيع من العناصر الأجنبية سواء كانت هذه العناصر من المسلمين أو من البشموريين «وهم مزيج من الأقباط واليونانيين»، ولما أبيد البشموريون عن بكرة أبيهم، لم يحاول الأقباط القيام بأية حركة ثورية عامة. (5) الفوائد التي جناها الأقباط (5-1) الأقباط يحتكرون الأعمال الإدارية
إن الأحداث التي ذكرناها لا تعني بأن الأقباط كانوا تعساء تحت حكم الولاة العرب، بل كانوا أسعد كثيرا مما كانوا عليه أيام البيزنطيين، وبالرغم من جهود الخلفاء واهتمامهم بتطبيق تعاليم القرآن، فإن الأقباط لم يقتصروا على شغلهم معظم الوظائف الإدارية فحسب، بل كان لهم الأمر والنهي في بعض الأحيان، وبقي نظام الضرائب والحسابات بين أيديهم مما أتاح لهم الفرصة لتحقيق مكاسب كبيرة، وكذلك يمكننا أن نقول إنه فيما يتعلق بالأقباط ظلت تعاليم القرآن غير معمول بها.
अज्ञात पृष्ठ