وفي فيض القدير في حديث: «أتموا الصفوف» ما نصه: قال في المطامح في أبي داود عن معاوية ما يدل على أن هذا كان في أواخر عمره.
ولذا قال عياض: كان ذلك له بعد ليلة الإسراء كما كان موسى يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء من عشرة فراسخ بعد ليلة الطور، انتهى منه بلفظه.
قال الشيخ جعفر الكتاني: وعياض ذكر هذا في الشفاء في فصل وفور عقله (صلى الله عليه وسلم) من الباب الثاني فراجعه.
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنهما أنها سئلت عن هذا الإدراك، فقالت: «زيادة زاده الله إياها في حجته»، وهو بضم الهاء، يعني في معجزته.
وضبط بعضهم لها وهو بفتحها على أن معناه أن هذه الزيادة إنما وقعت له في آخر عمره في حجة الوداع ، غير صحيح.
مراقبة النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه، وقد ذكروا من جملة فوائد هذه الأحاديث مراقبة النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه في حالة الصلاة، كما أنه كان يراقبهم في غيرها من الأحوال سرا وعلانية، ظاهرا وباطنا، غيبة وحضورا، وقد كان على قدمه في هذا كبار العارفين والأولياء، حتى كان الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه كثيرا ما يقول لأصحابه على كرسيه: إني أراكم كالزجاجات.
وكم من مريد أراد أن يرتكب بعض المحرمات وهو غائب عن شيخه، فخرج عليه ومنعه من ذلك، وقضاياهم في هذا كثيرة:
منها: إنه وقع لعارف أن مريده أراد الزنا بامرأة، فلما هم سمع صوت شيخه من بلاد بعيدة يقول له: هكذا تفعل يا فلان، ففر هاربا.
ووقع لآخر مع مريده في نظير هذا أنه ما شعر إذ هم إلا والشيخ قد لطمه لطمة أذهبت بصره، فخرج وأمر من جاء به إلى الشيخ، فقال: ادع الله لي أن يرد بصري، فإني تائب إلى الله تعالى، فقال: نعم، ولكن لا تموت إلا أعمى، فدعى له فرد عليه بصره، ثم عمي قبل موته بثلاثة أيام.
पृष्ठ 109