179

नबी के अनवार

أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها

शैलियों

إن الله تعالى أطلعه على جميع علمه في مكوناته لا مطلقا كما يأتي عنهم ، وليسلم من الاعتراض السابق عليه بلزوم التساوي بينه وبين علم الله تعالى، وإن أجيب عنه كما مر، فإن الحق الذي عليه المعول أنه لا مساواة في شيء وبين الحادث وبين القديم الأول.

وأما قوله في الحديث: فتجلى لي كل شيء وعرفته. فيمكن تخصيصه أيضا بالمكونات، وإذا عمم فيه فيحتمل في الذات العلية وأوصافها على ما مر، أو على ما يليق أن يعلمه أفضل مخلوق، وأكمله من الخالق، والله أعلم.

وأما التكفير في هذه المسألة- أعني مسألة ادعاء الإحاطة في علمه (صلى الله عليه وسلم)- فيبعد، ولا سيما في حق من أجمل في الكلام ولم يصرح بما يفيد العموم الحقيقي والمساواة؛ لعلم الله تعالى وعلى فرض التصريح، فإنما يظهر لو ادعى أن ذلك حاصل له (صلى الله عليه وسلم) من ذاته وبطريق الاستقلال، أو ادعى قدم علمه (صلى الله عليه وسلم)، أو حدوث علم الله تعالى، أو تماثلهما في الحقيقة والذات، وهذا لا يدعيه أحد ممن ذكر، ولا يتفوه به، بل ينكره أشد الإنكار، ويكفر القائل به إذا عرض عليه، فإن قيل: بعض هذا لازم من قولهم.

قلنا: لا نسلم اللزوم كما سبق بيانه، وعلى تسليمه فهو بعيد لمن قال ولازم القول لا يعد قولا إلا إذا كان اللزوم بينا، وهو هنا غير بين، وحينئذ فلا يكفر في هذه المسألة بالنسبة لما ذكر أصلا، فاعرف ذلك وتبينه، وأعرض عما سواه، وربنا سبحانه وتعالى يمن علينا وعليك برضاه، آمين.

وأفتى بالثالث- وهو أن علمه (صلى الله عليه وسلم) محيط بالأشياء ولكن لا كإحاطة علم الله تعالى- جماعة ممن نحا نحو التوسط والجمع بين النصوص والأدلة، وقالوا: إن هذا هو التحقيق وما سواه خلافه.

ومما يدل له ما ذكره الشيخ الأكبر في فتوحاته في الباب الخامس والستين وثلاثمائة ونصه:

وما ذكر عن أحد من نبي ولا حكيم أنه أحاط علما بما يحوي عليه حاله في كل نفس إلى حين موته، بل يعلم بعضا ولا يعلم بعضا إلى أن قال: فلا يعلم الأمور على التفصيل

पृष्ठ 246