ما نصه: والإنسان الكامل ولو عرف أنه هو الله، وتحقق بما تحقق به من الأسماء والصفات، فإنه لا يبلغ غاية الكنه الذاتي، ولا يستوفيه بوجه من الوجوه.
ولهذا قال الصديق الأكبر: العجز عن الإدراك إدراك.
وقال سيد المقربين، وخاتم المرسلين: «لا أحصي ثناء عليك (1)».
وقال تعالى: وما قدروا الله حق قدره [الأنعام: 91] يعني المقربين والكمل، المحققين من الأنبياء والمرسلين، ومن دونهم من الأولياء والصديقين، وسائر المؤمنين والكافرين جميعا ما قدروا الله حق قدره، بل هو فوق ما عرفوه، وقدره وراء ما قدروه فافهم. انتهى منه بلفظه.
وقال الشيخ الأكبر في شرحه لترجمان الأشواق:
كل من الخلق واقف خلف حجاب العزة الأحمى، وعند هذا الحجاب تنتهي علوم العالمين، ومعرفة العارفين، ولا يصح لأحد أن يتعدى هذا الحجاب ولو كان من أكابر الأحباب.
وقال سيدي علي بن وفا (رحمه الله): جلت ذات الحق تعالى أن تدخل تحت إحاطة علم أو إدراك انتهى.
قلت: وذكروا أن الحقيقة المحمدية من ورائها حجاب العزة، وهو حجاب الكبرياء والعظمة الذي لا ينخرق لأحد ثمة، وحينئذ فهما نوران حاجبان للخلق عن رؤية تجليات الحق: نور العزة الذي هو نور الكبرياء والعظمة، ونور الحقيقة المحمدية وهو الثاني.
والحقيقة أيضا دونها حجب الأنوار، فلا مطمع لأحد في الوصول إليها، ولا في تخطي الحجب المشرفة عليها، وعليه فتجليات الحق تعالى له (صلى الله عليه وسلم) كلها من وراء حجاب الكبرياء والعظمة، الذي هو وصف من أوصاف ذاته المعظمة.
पृष्ठ 84