هذا ما نراه كل يوم في أكثر ما نقرؤه في الكتب والمجلات والجرائد من المقالات العلمية والطبية وسواها التي تبدو أعجمية بألفاظ عربية. فالترجمة الحرفية ليست بالطريقة المثلى لحفظ جمال الأصل أو الوصول إلى أثرها في ذهن القارئ العربي. حسب المترجم أن يتفهم معاني الكاتب ويدخل في إهابه - إذا سمح لي بهذا التعبير - ثم يجتهد أن يقدم للقارئ قالبا عربيا لا ينفر منه ذوقه ولا يأباه سمعه.
إن في الفرنسية أو الإنكليزية أو غيرهما مثلا جملا تفيد من المعاني ما يقتضي له في لغتنا المتوسعة، وبالعكس فقد تجد أن المعنى الذي يحتاج إلى جملتين للتعبير عنه في لغة غريبة تكفيه في اللسان العربي جملة أو كلمة، فيجب أن لا يمنعنا من استعمال هذه الكلمة أو الجملة بعدها عن الأصل ما دامت تؤدي المفهوم وتوصل إلى الغاية.
وإني أورد هنا مثلا من هذه الترجمة التي لا يسعنا أن نسميها حرفية، وهي مع ذلك أمينة لا تذهب بجمال الأصل ولا تضعف من التأثير الذي أراده المؤلف، فضلا عن أنها تتجرد من المعجمة ما أمكن فيكاد القارئ لا يشعر أنها منقولة.
يقول لامارتين في مطلع قصيدته «البحيرة» ما ترجمته بالحرف الواحد: أهكذا ونحن مدفوعون دوما نحو شواطئ جدد، محمولون في الليل الأبدي بلا رجوع، لا نستطيع أبدا أن نلقي على أوقيانوس الأعمار مرساتنا يوما؟
وإليك الأصل:
Ainsi toujours poussés vers les nouveaux virages.
Dans la nuit éternelle emportés sans retour.
Ne pourrons nous jamais sur l’Océan des âges.
Jeter l’ancre un seul jour?
مهما نحاول تنميق هذه العبارة فنقدم أو نؤخر فيها مع المحافظة على حرفيتها، فهي لا تسلم من الركاكة والعجمة. ولكن إذا اكتفينا بالمعنى واجتهدنا أن نشعر شعور الناظم، ثم حاولنا نظمه كأنه صادر عنا قلنا مثلا:
अज्ञात पृष्ठ