277

अनमुदज जलील

أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل

संपादक

د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى

प्रकाशक

دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية

संस्करण संख्या

الأولى،١٤١٣ هـ

प्रकाशन वर्ष

١٩٩١ م

प्रकाशक स्थान

الرياض

وإنما يأمر بالطاعة وألعدل والخير دليلًا على أن ألمراد أمرناهم بالطاعة ففسقوا؟
قلنا: لو جاز مثل هذا الإضمار والتقدير لكان المتكلم مريدًا من مخاطبة علم الغيب، لأنه أضمر ما لا دليل عليه في اللفظ، بل أبلغ، لأنه أضمر في اللفظ ما يناقضه وينافيه، وهو قوله: "ففسقوا"
فكأنه أظهرشيئًا وادعى إضمار نقيضه. فكان صرف الأمر إلى ما ذكرنا من المجاز هو الوجه، هذا كله كلام الزمخشري ﵀، ولا أعلم أحدًا من أئمة التفسير صار إليه غيره، ثم أنه أيده فقال ونظيره أمر شاء في أن مفعوله استفاض فيه الحذف لدلالة ما بعده
عليه، تقول: لو شاء فلان لأحسن إليك، ولو شاء لأساء إليك، تريد لو شاء الإحسان لأحسن ولو شاء الإساءة لأساء، فلو ذهبت تضمر خلاف ما أظهرت وتعنى لو شاء الإساءة لأحسن إليك، ولو
شاء الإحسان لأساء إليك، وتقول قد دلت حال من أسندت إليه المشيئة أنه من أهل الإحسان دائمًا أو من أهل الإساءة دائمًا، فيترك
الظاهر المنطوق به ويضمر ما دلت عليه حال صاحب المشيئة لم تكن على سداد.
* * *
فإن قيل: على الوجه الأول لو كان المضمر المحذوف الأمر بالطاعة لما كان مخصوصًا بالمترفين، لأن أمر الله تعالى بالطاعة عام للمترفين وغيرهم؟
قلنا: أمر الله تعالى بالطاعة وإن كان عامًا، ولكن لما كان صلاح الأمراء والرؤساء وفسادهم مستلزما لصلاح الرعية وفسادها غالبًا خصتهم بالذكر، ويؤيد هذا ما جاء في الخبر: صلاح الوالى صلاح الرعية وفساد الوالى فساد الرعية.

1 / 276