يشرفهم بزيارته ﵊. الثالث: أنه أسرى به إلى بيت المقدس ليشاهد من أحواله وصفاته ما يخبر به كفار مكة صبيحة
تلك الليلة، فيدلهم اخباره بذلك مطابقًا لما رأوا وشاهدوا على صدقه في حيث الإسراء.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (بَارَكْنَا حَوْلَهُ) ولم يقل باركنا عليه أو باركنا فيه، مع أن البركة في المسجد تكون أكثر من خارج المسجد وحوله خصوصًا المسجد الأقصى؟
قلنا: أراد (بها) البركة الدنيوية بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة، وذلك حوله لا فيه، وقيل: أراد بالبركة الدينية، فإنه مقر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومتعبدهم، ومهبط الوحى والملآئكة، وإنما قال تعالى: (بَارَكْنَا حَوْلَهُ) لتكون بركته أعم وأشمل، فإنه أراد بما حوله ما أحاط به من أرض الشام وما قاربه منها، وذلك أوسع من
مقدار بيت المقدس، ولأنه إذا كان هو الأصل وقد بارك في لواحقه وتوابعه من البقاع كان هو مباركا فيه بالطريق الأولى، خلاف العكس، وقيل: المراد البركة الدنيوية والدينية ووجهها ما مر.
وقيل: المراد باركنا حوله من بركة نشأت منه فعمت جميع الأرض، لأن مياه الأرض كلها أصل انفجارها من تحت الصخرة التى في بيت المقدس.
* * *
فإن قيل: ما وجه ارتاط قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) بما قبله ومناسبته له؟
قلنا: معناه لا تتخذوا من دونى ربًا فتكونوا كافرين، ونوح كان عبدا