78

...أصل "المدونة" أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم ، فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم ، فأصلح فيها كثيرا ، وأسقط ، ثم رتبها سحنون وبوبها ، واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته، مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها ، بل رأي محض . وحكوا أن سحنون في أواخر الأمر علم عليها ، وهم بإسقاطها وتهذيب "المدونة"، فأدركته المنية رحمه الله . فكبراء المالكية يعرفون تلك المسائل ، ويقررون منها ما قدروا عليه ، ويوهنون ما ضعف دليله. فهي لها أسوة بغيرها من دواوين الفقه. وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب ذاك القبر ^ تسليما . فالعلم بحر بلا ساحل، وهو مفرق في الأمة، موجود لمن التمسه (12/68).

وكل ما في المدونة لوكيع وابن مهدي فإنما أخذه سحنون عن موسى (12/109).

مختصر المزني ومنزلته:

قيل إن المزني كان إذا فرغ من تبييض مسألة وأودعها مختصره صلى لله ركعتين. وامتلأت البلاد بمختصر المزني في الفقه ، وشرحه عدة من الكبار بحيث يقال إن البكر يكون في جهازها نسخة بمختصر المزني. (12/493-494).

كيف ظهرت مصنفات الماوردي ؟

قيل إن الإمام أبا الحسن الماوردي لم يظهر شيئا من مصنفاته في حياته، وجمعها في موضع، فلما دنت وفاته قال لمن يثق به: الكتب التي في الموضع الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لأني لم أجد لها نية خالصة، فإذا عاينت الموت، ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها فاعلم أنه لم يقبل منها شيء، فاعمد إلى الكتب وألقها في دجلة، وإن بسطت يدي فاعلم أنها قبلت.

...قال الرجل: فلما احتضر وضعت يده في يدي فبسطها، فأظهرت كتبه(1) (18/66).

من هجر من أجل كتبه:

पृष्ठ 78