184

* ومرض عبد الغني المقدسي مرضا شديدا منعه من الكلام والقيام، واشتد ستة عشر يوما، وكان ولده أبو موسى يسأله كثيرا: ما تشتهي؟ فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمة الله. لا يزيد على ذلك. قال أبو موسى: فجئته بماء حار فمد يده فوضأته وقت الفجر، فقال: يا عبد الله قم صل بنا وخفف، فصليت بالجماعة، وصلى جالسا، ثم جلست عند رأسه، فقال: اقرأ يس، فقرأتها، وجعل يدعو وأنا أؤمن، فقلت: ما تشتهي شيئا؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله سبحانه، فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى والله، فقلت: ما توصي بشيء؟ قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد علي شيء. قلت: توصيني؟ قال: أوصيك بتقوى الله والمحافظة على طاعته، فجاء جماعة يعودونه، فسلموا، فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون، فقال: ما هذا؟ اذكروا الله، قولوا لا إله إلا الله، فلما قاموا جعل يذكر الله بشفتيه، ويشير بعينيه، فقمت لأناول رجلا كتابا من جانب المسجد فرجعت وقد خرجت روحه رحمه الله، وذلك يوم الاثنين 23 من ربيع الأول سنة 600ه (18/467-468).

وصية الإمام جعفر بن محمد لولده موسى:

...يا بني لله من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه، ومن كشف حجاب غيره انكشفت عورته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر بئرا لأخيه أوقعه الله فيه، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم.

...يا بني لله إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك.

पृष्ठ 184