قال وهو يحوقل وزملائي يأخذهم الوجل، ومنهم كثيرون بقيد الحياة: «كيف لم يقل شيئا؟! ... ألم ينصحك بالاجتهاد في اللغة الإنجليزية؟!»
قلت: «نعم؛ فعل ... ولكنه سيظفر بالسمعة في علم الغيب أيا كانت النتيجة، فإن نجحت قيل إنها بركة لنصحه، وإن أخفقت قيل إنه قد عرف هذا فحذرني منه.»
فما زاد الأستاذ على أن قال: «دع هذا الضلال هداك الله.»
ولكن الدرس الأكبر - الدرس الذي أحسبه أكبر ما استفدته من جميع الدروس في صباي - كان بصدد مسألة حسابية من تلك المسائل العقلية ... كنت شديد الولع بهذه المسائل لا أدع مسألة منها بغير حل مهما بلغ إعضالها ...
وكان الأستاذ يحفظ منها عددا كبيرا محلولا في دفتره يعيده على التلاميذ كل سنة، وقلما يزيد عليه شيئا من عنده ...
وعرضت في بعض الحصص مسألة ليست في الدفتر، فعالجنا حلها في الحصة على غير جدوى، ووجب في هذه الحالة أن يحلها الأستاذ لتلاميذه فلم يفعل، وقال على سبيل التخلص: «إنما عرضتها عليكم امتحانا لكم؛ لتعرفوا الفرق بين مسائل الحساب ومسائل الجبر، وهذه من مسائل الجبر؛ لأنها تشتمل على مجهولين!»
لم أصدق صاحبنا، ولم أكف عن المحاولة في بيتي، وقضيت ليلة ليلاء حتى الفجر وأنا أقوم وأقعد عند اللوحة السوداء حتى امتلأت من الجانبين بالأرقام ... وجاء الفرج قبل مطلع النهار، فإذا بالمسألة محلولة، وإذا بالمراجعة تثبت لي صحة الحل، فأحفظ سلسلة النتائج وأعيدها لأستطيع بيانها في المدرسة دون ارتباك أو نسيان.
قلت: «لقد حلت المسألة.»
قال الأستاذ: «أية مسألة؟!»
قلت: «المسألة التي عجزنا عن حلها في الحصة الماضية.»
अज्ञात पृष्ठ