151

وأعترف بأن عنان النفس يفلت من يدي في حالات كثيرة، ولكنها حالات أراجعها أحيانا فلا آسف لإفلاته، بل أرى أن ضرر الإطلاق أخف من ضرر الشد والكظم وثني العنان.

أما اعترافاتي في ميدان الأدب فمنها ما يخصني ومنها ما يعم القراء معي ...

وأول هذه الاعترافات أنني أقرأ لنفسي، وأقرأ أحيانا في موضوعات لم أكتب فيها للقراء حرفا واحدا حتى الساعة.

ولا أطالب أحدا بجميل؛ لأن جميلي لنفسي سابق لكل جميل، ولكنني أعترف كذلك بأنني لا أطيق التواضع الكاذب، الذي هو رياء في المتكلم، وغفلة في السامع، فإذا بخسني الباخسون حقا فدعواي إذن أمام ضميري لا يزعزعها إجماع الخافقين.

أعترف بأنني أحب الشهرة والخلود، ولكنني أعترف كذلك بأنني لا أطلبهما بثمن يهيض من كرامتي، وأنني إذا أحسست أن إنسانا يمتن علي بشهادة يبذلها أو شهادة يمنعها فلا نصيب له عندي غير التحدي الذي يذهب به إلى الحائط، ولتذهب الشهرة، وليذهب الخلود معها إلى الشيطان.

ولقد تعبت كثيرا في تحصيل الأدب والثقافة، ولكنني أعترف بعد هذا التعب كله بقصوري عن الغاية التي رسمتها أمامي في مقتبل صباي، فلم أبلغ بعد غاية الطريق، ولا قريبا من غايته، وإذا قدرت ما صبوت إليه بمائة في المائة، فالذي بلغته لا يتجاوز العشرين أو الثلاثين.

الفصل التاسع

(1) في مكتبتي

قلت لك يا صاحبي: إنني أحب مدينة الشمس لأنني أحب النور.

أحبه صافيا وأحبه مزيجا، وأحبه مجتمعا وأحبه موزعا، وأحبه مخزونا كما يخزن في الجواهر وأحبه مباحا كما يباح على الأزاهر، وأحبه في العيون، وأحبه من العيون، وأحبه إلى العيون!

अज्ञात पृष्ठ