112

ما ليس بالحب أسهل في التعريف مما هو الحب، وهكذا الشأن في كل تعريف لمعنى من المعاني أو كائن من الكائنات، فنحن نستطيع في لمحة عين أن نعرف أن زيدا ليس بعمرو، ولكننا لا نستطيع في هذه السهولة أن نذكر تعريف عمرو أو زيد، ونحيط بأوصاف هذا أو ذاك، ولو كنا من أعرف العارفين بالاثنين ...

وعلى هذا القياس نعرف الحب من طريق النفي قبل تعريفه من طريق الإيجاب ...

فليس الحب بالغريزة الجنسية؛ لأن الغريزة الجنسية تعم الذكور والإناث، ولا يكون الحب بغير تخصيص وتمييز.

وليس الحب بالشهوة؛ لأن الإنسان قد يشتهي ولا يحب، وقد يحب وتقضي الشهوة على حبه.

وليس الحب بالصداقة؛ لأن الصداقة أقوى ما تكون بين اثنين من جنس واحد، والحب أقوى ما يكون بين اثنين من جنسين مختلفين.

وليس بالانتقاء والاختيار؛ لأن الإنسان قد يحب قبل أن يشعر بأنه أحب، وقبل أن يلتفت إلى الانتقاء والاختيار.

وليس الحب بالرحمة؛ لأن المحب قد يعذب حبيبه عامدا أو غير عامد، وقد يقبل منه العذاب مع الاقتراب، ولا يقبل منه الرحمة مع الفراق ...

والحب كذلك يعرف جزءا جزءا قبل أن يعرف كاملا شاملا مستجمعا لكل ما ينطوي عليه.

ففي الحب شيء من العادة؛ لأن المحب يهون عليه ترك حبيبه إذا كان تركه لا يغير عاداته ومألوفاته، وأقوى ما يكون الحب إذا طال امتزاجه بالعادات والمألوفات ...

وفي الحب شيء من الخداع؛ لأن المرأة الواحدة قد تكون أفضل المخلوقات في عين هذا الرجل، وتكون شيئا مهملا لا يستحق الالتفات في عين ذاك، ثم تعود كالشيء المهمل في عين الرجل الذي فضلها من قبل على جميع المخلوقات ...

अज्ञात पृष्ठ