فيه بوالغ الحِكمة والأمثال، وجعله تبيانًا لكل شيءٍ، وهدى ورحمةً، وبُشرَى للمسلمين (١)، فحقُ عبادُ الله أن يكونوا (٢) بكتابه مستمسكينَ، وبأَدبه آخذين وبحكمه وأمثاله معتبرين، فقد قال النبي ﷺ: "فضلُ القرآن على سائر الكلامِ؛ كفضلِ الله على خلقهِ" (٣).
وقال ابن مسعود (٤): إن كل مُؤدب يجب أَن يؤخذ بأَدبه، وإن أَدب الله هو القرآن، ولولا ما جُبلت عليه النفوس من ارتياحها إلى أَنواع تختلفُ، واستروَاحها إلى فنون تستطرف لكان كتاب الله تعالى كافيًا، وذكر غيره مُستَهجنًا.
حكى الأصمعي (٥) أَن أَعرابِيًّا وصى ابنَه عند موته فقال. يا بني، وصيتي إِياك مع وصية الله منجية، وإن الرضا بها القناعة، وعود الخير أَحمَدُ، وإني
_________
(١) س: للمؤمنين.
(٢) س: قطع كبير، يبدأ من "بكتابه مستمسكين. . . ." إلى "من قلت تجربته خدع" عند الحكمة رقم ١٨ من الفصل الأول.
(٣) ضعيف، أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري، جزء من حديث، وقال: حسن غريب. رقم ٢٩٢٧ في ثواب القرآن، باب رقم ٢٥، ورواه أيضًا الدارمي ٢: ٤٤١، وابن عدي: الكامل ٥: ٤٨، وإسناده ضعيف، وراجع المناوي: فيض القدير ٤: ٤٣٤ رقم ٣٨٦٥.
(٤) هو عبد الله بن مسعود، وكنيته أبو عبد الرحمن الهذلي، من أكابر الصحابة علمًا وفضلًا، وهو أول من جهر بقراءة القرآن الكريم بمكة، وكان خادم الرسول وصاحب سيره، توفي سنة ٣٢ هـ. من مصادر ترجمته: الاستيعاب ٩٨٧ - ٩٩٤، وحلية الأولياء ١: ١٢٤، والعبر ١: ٣٣.
(٥) هو عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع، وكنيته أبو سعيد الأصمعي، من كبار العلماء والأئمة في الشعر والأخبار والنوادر، ولد بالبصرة سنة اثنتين وعشرين ومائة، وتوفي بها سنة ٢١٣ هـ. من مصادر ترجمته: نزهة الألباء ١٠٠، وابن خلكان ٣: ١٧٠ - ١٧٦، والمعارف ٥٤٤، وشذرات الذهب ٢: ٣٦.
1 / 48