مقدمة
في كتاب العقد الفريد «١»، يتحدّث ابن عبد ربه عن الأمثال فيصفها بقوله بأنها «وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلي المعاني، والتي تخيّرتها العرب، وقدّمتها العجم، ونطق بها في كل زمان، وعلى كلّ لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عمّ عمومها، حتى قيل: أسير من مثل» .. ويتابع ابن عبد ربه رأيه قائلا: «وقد ضرب الله ﷿ الأمثال، في كتابه، وضربها رسول الله ﵌ في كلامه.
قال الله ﷿: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
«٢» وقال: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ
«٣» . ومثل هذا كثير في القرآن الكريم» .
ولا غرو، فالأمثال لدى جميع الشعوب، مرآة صافية لحياتها، تعكس بكل دقة وجلاء الصورة النقيّة لمعظم عاداتها وتقاليدها وعقائدها، كما تعكس بالتالي سلوك أفرادها ومجتمعاتها، بحيث غدت أو كادت أن تغدو، الميزان الرقيق لتلك الشعوب، في رقيها وانحطاطها وبؤسها ونعيمها وآدابها ولغاتها.
في هذا المجال، يقول الحسين بن وهب، في كتابه البرهان في وجوه البيان «٤»:
«وأمّا الأمثال، فإن الحكماء والعلماء والأدباء، لم يزالوا يضربون الأمثال ويبينون للناس تصرّف الأحوال، بالنظائر والأشباه والأمثال، ويرون هذا النوع من القول أنجح مطلبا،
1 / 5