ولم يكتف أبوبكر بإثبات رأيه في الوزير البلعميّ نثرا، وإنما هجاه بشعر له [٤٦]، على أنّه لم يكن وحيدا في هجائه، فقد هجاه من هو أسنّ منه أعني اللحام الحرّاني متّهما إياه في وزارته، بأنه:
لم يرع للأولياء حرمتهم ... فيها، ولا للوجوه والكتبه [٤٧]
مما يوحي أن أبابكر لم يكن بطرا يوم فارقه، وأنه صادق في خوفه من أن يذلّ في حضرته.
واتصل- وهو في نيسابور- «بالأمير أبي نصر أحمد بن عليّ الميكاليّ، واستكثر من مدحه ... ونادم كثير بن أحمد» [٤٨] الذي هو ابن الأمير أبي نصر. على أن مدّته لم تطل في نيسابور- إذ فارقها سنة ٣٥٣ إلى سجستان- إلّا أنها تركت ثلاثة أشياء في حياته، أولها أنّه أحبّ هذه المدينة، وأحلّها في نفسه محلّة خاصة جعلته يتخذها- فيما بعد- دارا يأمن بها على أهله وولده [٤٩]، وثانيها أنّه بقيت له علاقة طيّبة بالأمير أبي نصر- بعد مفارقته- يدلنا عليها أنه شفّعه في اصطناع أحد الفقهاء من تلاميذه [٥٠]، وأنه بعث إليه بقصيدة من حبسه في سجستان [٥١]، وثالثها أنّه اتخّذ من كثير بن الأمير أبي نصر
_________
[٤٦] ينظر هجاؤه في اليتيمة ٤: ٢٠٤- ٢٠٥.
[٤٧] اليتيمة ٤: ١٠٨.
[٤٨] السابق ٤: ٢٠٥.
[٤٩] ينظر رسائله: ١٥٦.
[٥٠] ينظر السابق: ١٤٧- ١٤٩.
[٥١] تنظر قصيدته في اليتيمة ٤: ٢٠٥- ٢٠٦.
1 / 20